الثلاثاء، 24 فبراير 2015
الاحساء انا و معصومة
لم تعرف علاقتنا طائفية و لا مذهبية ..نلبس عبائاتنا الصغيرة و نركض في باحة منزلنا أمام والدتي ووالدتها و نحن نهتف بنروح “نتسمع” في بيت صنعناه من مجموعة وسائد و سجادة، لتكملان هما الأحاديث و الأسرار و نحن نتبادل الضحك و الألعاب.. كبرت و عرفت عنواني و عرفت الاختلافات التي بيننا لكنني بقيت على يقين بأن حبي لمعصومة حقيقي و بأنني لن أنساها حتى بعد تغير العنوان و ابتعاد المسافات. كبرت معصومة سريعا بزواج مبكر في بلاد أخرى و لحقتها بعد تخرجي لتشغلنا الدنيا و الأبناء عن اللعب أو حتى السؤال .. ، لكن يقيني لم يتغير فرغم المسافات كنت أشعر بقلب معصومة يعتصر ألماً و هي تبكي على الطرف البعيد من العالم حزناً على وفاة أختي، و كانت أمها الكفيفة بجانبي في العزاء، في وقت فقدت فيه الثقة في الكثير من الأصحاب والأحباب؛ ففي الشدة تعرف من يحبك حقا. في الأحساء كتب الخطاطون من عائلة الرمضان كتب الشريعة لعلماء الدين من السنة.، وفي الأحساء تعلمت أمي القرآن على يد ” المطوعة آمنة”، وفي الأحساء كان المعلم أبو إبراهيم يحمل عبء الحصص دون علم المدير ليساعد الدكتور هاشم على التفرغ لمناقشة الرسالة. في الأحساء و في طريقنا إلى مدرسة سلوى لم يفرق بيننا أبو محمد السائق حين تعرضنا لحادث، حرص علينا جميعاً و كان يبكي و هو يطمئن علينا.. بناتي.. بناتي.
في الأحساء كان شباب الجيران رغم اختلاف مذاهبهم مجتمعين، يجوبون البيوت لسد النوافذ حتى لا يدخل الكيماوي علينا في حرب الخليج..! الأحساء بلد جمعت كل شيء في تناغم عجيب فيها مزارع تجاورها صحاري و خلفها بحر لم يطغ ماؤه المالح على حلاوة تمرها، ولم تعكر رمال الصحراء صفو سماءها. و كذا حال أهلها، جوار و تعايش، صفاء و تسامح، في ظل عدل إلهي ثم في ظل حكومتنا التي حرصت على المجتمع بكافة فئاته و طوائفه. و ما حدث بالأمس، كان كابوساً بمعنى الكلمة، استيقظت و قرأت الرسالة لكني لم أفتح الرابط كنت متأكدة بأنها إشاعة كالعادة فشهور العام ، كلها إبريل بالنسبة للوتس اب، ربما عقلي الباطن يرفض تصديق ما قرأ فعلى الرغم من كل التقلبات حولنا إلا أننا لازلنا أهل الأحساء الطيبين المسالمين المجتهدين المتميزين ببصماتنا الجميلة في كل مكان نحلُ فيه. استوعبت الأمر بعد تكراره في جميع وسائل التواصل و أيقنت أنه حدث! سارعت بالإطمئنان على زميلاتي وأهاليهن، و تحدثت مع أبنائي حول خطورة الأمر و أننا أبداً لم و لن نسيء إلى جار مهما كان مختلفاً عنا. اكتب هذه الكلمات الآن و أنا اتمنى أن أصحو على يوم ثلاثاء عادي لم تردني فيه تلك الرسالة و لم أعرف فيه ما حدث. صادق عزائي و مواساتي إلى أهالي الدالوة، فمصابهم جلل، و يمتد إلى كل شريف على أرض الأحساء الطاهرة. و لا زالت الأحساء عنواني وعنوان قلبي بجانب قلب معصومة.