الخميس، 26 ديسمبر 2019

بعد أسبوع 

بعد أسبوع ..!

انقضى نهار هذا اليوم و انقضى معه اسبوع مفصلي في تاريخ التعليم في السعودية و سبحان من جعل هذه النهاية متزامنة مع حدث كوني عظيم و هو كسوف الشمس الذي من الله علينا بانقضائه على خير .. فسبحان من له الدوام .. لا شيء باقٍ للأبد فلا الشمس منيرةٌ دائماً و لا التقويمُ يبقى مستمراً ..! 

انتشر قرار تطبيق الاختبارات للمرحلة الابتدائية في "الوتس" قبل فترة و لم نجد من يثبت أو ينفي ...و بين ليلة و فجرها قبل ضحاها ..ثبتت الرؤية و ارسلت التعاميم (المتناقضة أحياناً) و تتابعت بضراوة في فترة قصيرة جداً و مع هذا تم التطبيق بفضل الله ثم بجهود العاملين في الميدان و اليوم قُضي الأمر و لابد له من وقفة ..

كنت أصحح أوراق الطالبات و أنا أشعر بسعادة بالغة لعودة هذه الاختبارات لأنها تقدم مقياساً حقيقياً لمستوى الطالبات، فلا مكان للإعادات التي لا فائدة منها غير ضياع الوقت و الجهد و تسطيح التعليم في ذهن الطالب .. و انتصرت الطالبة المتفوقة بعد سنوات من ضياع تميزها و أخذت المتوسطة و الضعيفة حقوقهن و أهمها حقها في معرفة مستواها الحقيقي دون تلميع و ترقيع التقويم المستمر .. و أتمنى من الله صادقةً أن تصل كل التجارب الفاشلة في النظام التعليمي إلى الحقيقة مبكراً و ألا تتأخر عشر سنوات، يضيع فيها جيل كامل.. حتى نعترف بأنها مضيعة للوقت و الورق و العقول ..! 

يبقى أمر في غاية الأهمية و إن لم يُطبق فلن يحقق التغيير الهدف المرجو منه .. إنه الصف الأول و هو بالطبع غير قابل لتطبيق الاختبارات لكن ترحيل جميع طلاب الصف الأول إلى الصف الثاني بعبارة متفوق و متمكن و ما بينهما لن يجدي بعد الآن .. الصف الأول هو المحك الحقيقي .. ينتهي العام الدراسي و الطفل متقن لحرفين أو ثلاثة من الثمانية و عشرين و مع هذا ينقل للصف الثاني و هناك تزداد المشكلة صعوبة و يتراكم الضغط على عقله الصغير .. 

التغيير أو العودة للاختبارات تقدم لنا و لابنائنا دروساً في قيمة الوقت و قيمة العلم و قيمة الإخفاق ايضاً فلولاه لما كان للنجاح طعم .. 

إجازة سعيدة ..💕



الجمعة، 25 أكتوبر 2019

متى يؤذن الظهر ..!؟

متى يؤذن الظهر ..؟! 


كنت اسمع هذا السؤال منذ أن فتحت عيناي على الدنيا لحرص جدتي رحمها الله على الصلاة في وقتها و رغم ساعتها البيولوجية الدينية الفطرية التي تشعر بوقت الآذان إلا أنها تسألنا زيادة في الحرص .. توفيت جدتي و اختفى معها السؤال.

 مع مطلع هذا العام الدراسي شاءت الأقدار أن يتحول تخصصي إلى التربية الفنية لطالبات الصفوف الأولية و لا غرابة في ذلك فأنا معلمة في المرحلة الابتدائية .... في حصة الفنية التي كانت الثانية في الجدول المدرسي ، عاد إليّ سؤال جدتي : متى "يأذن" الظهر ..؟! 

سألتني إياه طفلة صغيرة بالكاد أكملت سبع سنوات و اخبرتها بالتوقيت و لا أخفيكم فرحت بتعلق قلب الصغيرة بالصلاة و مع تكرار الحصص و الأيام ، تكرر ذات السؤال على مسمعي... و السبب إرتباط الآذان باقتراب وقت الخروج من المدرسة..! حينها تيقنت أنه الملل الذي يتسرب إلى قلب أطفال لم يبلغوا الزهر بعد فلا زالوا بذوراً تحتاج غرساً و رياً و حباً ثم حباً ثم حبا ...

هذه الصغيرة و أمثالها كثر يستيقظون في السادسة صباحاً على الأغلب و ينتهي مشوارهم في الواحدة تماماً ؛ كل هذه الساعات تقضيها صغيرة الصفوف الأولية على مقعد الدراسة، تكفيها منها فعلياً أربع ساعات و أما الباقي فهي تعد فيه الحصص و تسأل عن آذان الظهر ...! 

صغيرتي هذه ذكية جداً و متفوقة جداً لكنها تفتقد أمها و تشتاق إلى منزلها و الغياب عنه في هذه السن المبكرة لست ساعات و أكثر مؤذٍ لصحتها النفسية و الاجتماعية.

عندما ابتكر المبدعون في التعليم حصصاً أثقلوا بها حقائب الطلاب و أوقاتهم كنا نتمنى حينها أن يكونوا على صواب و أن هذا لصالح البلاد و نفع العباد لكنه للأسف كان وبالاً على الحاضر فيه و الباد ..! 

فهاهي هيئة تقويم التعليم تعلن صراحة عن تدني مستوى المخرجات التعليمية و عدم تحقيق المأمول منها في الاختبارات الدولية و بدأ (المبدعون إياهم) في تقاذف كرة الاتهامات فهناك من ألقاها على البيئة و الظروف و الأسرة و على ( المعلم الرجل) و المناهج و المباني و التقنية و ( ببجي) و الدجاج و الهرمونات و و و هي ستستقر بطبيعة الحال على رأس المعلم في الأخير... لكن للأسف لازال الأغلب صامتاً عن طول اليوم المدرسي ..! ناهيك عن طول العام الدراسي نفسه الذي يجعل من الأطفال الخبرة من طلاب الصفوف العليا يتساءلون عن أيام تعليق الدراسة و العطلات الرسمية أكثر من سؤالهم عن آذان الظهر فخروجهم من المدرسة في ١:٤٥ أقرب إلى صلاة العصر مما سواها ...! 

 إن كان الهدف إشغال المعلم فلا بأس أشغلونا ... لكن ما ذنب الأطفال في البقاء.. و إن كان الهدف صالح الأطفال فهاهي النتائج تخبرنا بأن معظم هذا الوقت لا قيمة له ..! 

قبل سنوات قمت بترجمة مقطع عن التعليم في فنلندا و كانت حينها تحتل المركز الأول (حالياً المركز الثالث ) على مستوى العالم و كان مما تفخر به المتحدثة أن اليوم الدراسي يستغرق ثلاث إلى أربع ساعات بحد أقصى و أن الواجبات قليلة و مع هذا النتائج الدولية في القراءة ، العلوم و الرياضيات كانت عالية و تتخطى الدول الكبرى بمراحل ...! 

رغم كل ما ذكرت فلازلت متفائلة بالقادم من الأيام و أتمنى أن تكون الخطوات التصحيحية التي نقرأ عنها في تويتر و الوتس، حقيقةً مشاهدة و أن يكون التغيير يخدم الطلاب فعلاً و أن ينسيهم سؤالاً آخر يطرحه الجميع.... كم باقي على العطلة ..؟!