السبت، 1 فبراير 2020

عروس الطبينة

عروس الطبينة 


إنها اللحظات الأخيرة ..هاهي تودع أمها بدموع ثقيلة تود الانحدار لكنها تخشى من سيلان الكحل أو تساقط الرموش الصناعة .. و عند نهاية القاعة و قبل الخروج ألقت نظرة على صديقاتها و على صبايا الأسرة و ألقت عليهن باقة الزهور ..الصناعية أيضاً... لتلتقطها أحداهن بعد صراع مع الأخريات لعل النصيب يطرق بابها بعد فِدى.. صاحبة الحظ الذي كسّر الألماس ليطوق به عنقها الجميل ..فحفل زفاف آسرٍ كهذا لم يتخيله أحد في أسرتها .. زوج وسيم و عائلة ثرية و ماذا تريد أكثر .. هكذا أقنعت أم فدى والدها بنجاح هذه الزيجة رغم جهلهم المطبق بهذه العائلة التي هبطت عليهم من السماء و معها قطعٌ من نعيم الجنة. 

بصعوبة ركبت فدى السيارة بجانب زوجها أدهم ؛ فالفستان كان يحتل ثلثي السيارة الفارهة و لولا الحاجز لوصلت أطرافه إلى السائق ..! 

كان أدهم عريس "لؤطة" كما يقولون و رغم جمالها إلا أنها مفتونة به سعيدة و تكاد تطير فرحاً و كأنها طفلة حصلت على دمية لأول مرة في حياتها و لم يكن أقل منها فرحاً فكانت عيناه تلمع من السعادة و يكاد سناها يُذهب قلب فدى .. 

انتبهت العروس إلى الطريق الذي تحول إلى طريق المزارع فسألت أدهم : 

-ألن نذهب إلى الفندق الليلة ..؟

- ليلة جميلة كهذه لابد أن نقضيها في مزرعتنا الخاصة فأنا لا أحب الفنادق ..يزعجني صوت جهاز كشف الحرائق ..! هل يعقل أن يبخل عليّ و هو الذي دفع كل هذه الألاف حتى يسعدني الليلة .. لا يستحيل أبعدت الوساوس عن رأسها و اقتنعت بأن من يدفع مليوناً مهراً لها لن يبخل عليها بشيء أبداً..! أمسكت بهاتفها تقلبه لكنها تفاجأت بانقطاع الشبكة و عندما سألته تحجج ببعد المنطقة عن الأبراج .. فاكتفت بتقليب نظرها بين المزارع و النخيل و بعد مدة ليست باليسيرة انتبهت فدى و قد تحول الطريق إلى ظلام دامس .. شعر أدهم بخوفها فطمأنها بأنهم اقتربوا و فعلاً كانت أنوار القصر قد بدأت بالظهور لتبدد كل الظلام .. إنه حقاً قصر الأحلام ..! دخلت السيارة إلى البوابة الرئيسية و كان الطريق داخلها أضعاف طريق الوصول إليها .....و إخيراً توقفت السيارة ففتح لها الباب شاب وسيم يشبه زوجها.. لا إنه هو بعينه .. التفتت عليه لتسأله هل لديك توأم .. فرد السائق: من تقصدين ؟! و كان هو الآخر نسخة أخرى و خلال دقائق كان حولها من أدهم خمس نسخ و أمام كل نسخة كانت تصرخ خوفاً و فزعاً .. حملوها و هي متجمدة إلى خالتها أم أدهم .. بكت و هي تضرب وجهها و قد تساقطت الرموش و تمازجت الأصباغ على وجهها .. قالت لها العجوز : أجمل لوحة لقد أحسنت الاختيار فعلاً يا حبيبي..! تجمدت فدى في مكانها .. كيف .. متى .. لم تعرف كيف تنهي السؤال ..! لكن أم أدهم كانت تعرف كيف تبدأ الاجابة..

- حبيبتي فدى لنكن واضحين معاً... أنتِ عروس أدهم نعم .. لكن الذي لا تعرفينه أنك عروس الأسرة كلها و نحن ننتظر هذه الليلة منذ ١٠٠ عام .. أو بالضبط كل ١٠٠ عام فأنتِ العروس السابعة لكنك أجمل من رأتها عيني .. هذا الشقي أصبح خبيراً .. قالتها و هي تنظر إلى “الأدهمين” بطرف عينها .. انهارت فدى و حاولت أن تتمتم بالناس أو الفلق لعله كابوس و تستيقظ منه لكنها لم تقدر ...و أخيراً تحدثت: يعني أنتم .. بسم الله .. قاطعتها أم الأدهمين .. نعم ..وصلتي خير .. نحن بسم الله ..قبل ٧٠٠ سنة كان زواج ادهم مثل هذه الليلة لكن مزارعاً غبياً منكم و هو يحرق “الطبينة” أحرق معها قطة متعمداً ، أنتم البشر عندما تفرغ عقولكم من كل شيء تفعلون أي شيء و تعللونه بقضاء الوقت .. المتعة .. أو قتل الفراغ و لابد أن تدفعوا ثمن هذا العبث..

- يعني كل ١٠٠ سنة تختارون عروس بدل قطتكم..؟! 

- نعم فالقطة كانت عروس أدهم.. و أنت أجمل البدائل حتى الآن ..أنا متأكدة بعد ان نحرقك سترقد روح عروستنا بسلام بعد كل هذه السنوات ..! و حملها الأدهمون 

- تحرقوني .. لا .. لماذا .. أنـ ..؟! انقطعت الكلمة الأخيرة و هم يرمون بها بين أكوام السعف المشتعلة .. و بدأت حفلة جديدة ..! في صباح اليوم التالي كان الدخان المنبعث من الطبينة على وشك المغادرة و خيوطه يسحب بعضها بعضاً .. و داخل السيارة كان هاتف فدى مفتوحاً و على شاشته رسالة : 

- الف مبروك يا ماما ما قصرت ام زوجك دفعت للطقاقة زيادة و خلتها تغني للصبح بس اختفت ما شفناها بعد ما طلعتي كل أهل زوجك اختفوا تقولين طاروا و لا بلعتهم الأرض .. .. !