أبناء تحت الأضواء
منذ أن بدأ أطفالي بمشاهدة التلفاز و ممارسة الألعاب التي تعتمد على الشاشة المنزلية الكبيرة و أنا حريصة على الجلوس معهم قدرالمستطاع فأشاركهم أوقاتهم من جهة و أكون يقظة لما يعرض و إن لم أمنع، أكتفي بالتعليق على الصواب و الخطأ و هكذا.
و مما جدّ عليّ مؤخراً هو نوعية البرامج التي يشاهدها صغاري فهم لا يشاهدون -كما أخوتهم الأكبر سناً - مسلسلات كرتونية أبطالها منورق أو ألعاب إلكترونية .. اليوم يشاهدون مسلسلات واقعية أبطالها أطفال مثلهم ينتمون إلى أسر حقيقية و الألعاب أصبحت تحديات فيمحيط العائلة نفسها يشارك فيها الأب و الأم على اختلاف تعليمهم و مستوياتهم الاجتماعية. و لا يلامون في ذلك فالعائد المادي من وراء ذلككبير لدرجة أن المشاهد يلاحظ التغير على حياة تلك الأسر و القفزة في مستوى المعيشة بل و حتى مكان السكن نفسه تغير.
المتابع لهذه البرامج التي و إن تعددت جنسياتها فإن القاسم المشترك الأسوأ بينها هو السعي وراء زيادة عدد المشاهدات مهما كان الثمن، ولن أدخل في الأثر إن كان حلالاً أو حراماً ؛ فلا أحد يتقبل هذا الأمر حاليًا..! لكنني سأتطرق إلى الأثر النفسي على الطفل البطل في هذهالبرامج و على الطفل المشاهد بالمقابل .. لاحظت و أظن أن غيري الكثير ممن رأى وقع بعض التحديات على أطفال تلك الأسر .. فهذي طفلةصغيرة دون العاشرة تُفاجأ بسطل من المياه الباردة تغطي جسدها و شعرها على حين غرة و تبدو العبرات في عينيها لكنها لا تستطيعإطلاقها فهذا سيفسد ال( الشو ) العرض الذي تعب والدها للأسف في التدبير له و هناك طفل آخر يقطع عليه والده اللعب مع أصدقائه لينفذفيه مقلباً أمامهم و تكاد ترى الكلمات تخرج من عيني الصغير ( فشلتني) و سيبقى الموقف موثقاً إلى يوم القيامة ليُذكره فيه المتنمرون أوحتى الأصدقاء مستقبلاً .. بل و وصل الحرج إلى الوالدين حين ينفذ أحدهما في الآخر مقلباً من العيار الثقيل لكن كله يهون في سبيلالمشاهدات المرتفعة و دروع اليوتيوب المعدنية اللامعة ..!
أما أثرها على المشاهدين من أطفالي و أطفالكم فحدث و لا حرج عن: تسطيح الفكر و ضياع الوقت و تفاهة الاهتمامات كما أن تأثيرها علىالكبار لا يقل أهمية ؛ فالأغلب اليوم ينظر إلى هذه الحياة العائلية المصورة و المكشوفة أمام الملأ، أنها السبيل الوحيد للثراء و الحل السحريلكل مشاكل الحياة مما يعني أننا بصدد برامج جديدة من هذا النوع.
أكثر ما أزعجني و هو السبب في كتابتي لهذا المقال، التلاشي التدريجي للمروءة و تنامي الرغبة في الترفه على حساب الآخرين و لن أنسىجملةً قالها صغيري عندما كنا نتسوق ( لو كنا نصور مثل عايلة... كان شرينا كل شي بلاش ..!)
كتبته : آمال العرجان