الثلاثاء، 16 مارس 2021

أبناء تحت الأضواء

 أبناء تحت الأضواء 

منذ أن بدأ أطفالي بمشاهدة التلفاز و ممارسة الألعاب التي تعتمد على الشاشة المنزلية الكبيرة و أنا حريصة على الجلوس معهم قدرالمستطاع فأشاركهم أوقاتهم من جهة و أكون يقظة لما يعرض و إن لم أمنع، أكتفي بالتعليق على الصواب و الخطأ و هكذا.

و مما جدّ عليّ مؤخراً هو نوعية البرامج التي يشاهدها صغاري فهم لا يشاهدون -كما أخوتهم الأكبر سناً - مسلسلات كرتونية أبطالها منورق أو ألعاب إلكترونية .. اليوم يشاهدون مسلسلات واقعية أبطالها أطفال مثلهم ينتمون إلى أسر حقيقية و الألعاب أصبحت تحديات فيمحيط العائلة نفسها يشارك فيها الأب و الأم على اختلاف تعليمهم و مستوياتهم الاجتماعيةو لا يلامون في ذلك فالعائد المادي من وراء ذلككبير لدرجة أن المشاهد يلاحظ التغير على حياة تلك الأسر و القفزة في مستوى المعيشة بل و حتى مكان السكن نفسه تغير

المتابع لهذه البرامج التي و إن تعددت جنسياتها فإن القاسم المشترك الأسوأ بينها هو السعي وراء زيادة عدد المشاهدات مهما كان الثمن، ولن أدخل في الأثر إن كان حلالاً أو حراماً ؛ فلا أحد يتقبل هذا الأمر حاليًا..! لكنني سأتطرق إلى الأثر النفسي على الطفل البطل في هذهالبرامج و على الطفل المشاهد بالمقابل .. لاحظت و أظن أن غيري الكثير ممن رأى وقع بعض التحديات على أطفال تلك الأسر .. فهذي طفلةصغيرة دون العاشرة تُفاجأ بسطل من المياه الباردة تغطي جسدها و شعرها على حين غرة و تبدو العبرات في عينيها لكنها لا تستطيعإطلاقها فهذا سيفسد ال( الشو ) العرض الذي تعب والدها للأسف في التدبير له و هناك طفل آخر يقطع عليه والده اللعب مع أصدقائه لينفذفيه مقلباً أمامهم و تكاد ترى الكلمات تخرج من عيني الصغير ( فشلتني) و سيبقى الموقف موثقاً إلى يوم القيامة ليُذكره فيه المتنمرون أوحتى الأصدقاء مستقبلاً .. بل و وصل الحرج إلى الوالدين حين ينفذ أحدهما في الآخر مقلباً من العيار الثقيل لكن كله يهون في سبيلالمشاهدات المرتفعة و دروع اليوتيوب المعدنية اللامعة ..! 

أما أثرها على المشاهدين من أطفالي و أطفالكم فحدث و لا حرج عن: تسطيح الفكر و ضياع الوقت و تفاهة الاهتمامات كما أن تأثيرها علىالكبار لا يقل أهمية ؛ فالأغلب اليوم ينظر إلى هذه الحياة العائلية المصورة و المكشوفة أمام الملأ، أنها السبيل الوحيد للثراء و الحل السحريلكل مشاكل الحياة مما يعني أننا بصدد برامج جديدة من هذا النوع.

أكثر ما أزعجني و هو السبب في كتابتي لهذا المقال، التلاشي التدريجي للمروءة و تنامي الرغبة في الترفه على حساب الآخرين و لن أنسىجملةً قالها صغيري عندما كنا نتسوق ( لو كنا نصور مثل عايلة... كان شرينا كل شي بلاش ..!) 


كتبته : آمال العرجان 

الأحد، 23 أغسطس 2020

ع



في يومها الأول كمديرة جديدة لمدرسة البنات بدأت مهام عملها قبل دخول البوابة بتأنيب لأبي عامر الذي افترش غرفة الحراسة مع رفاقه من سائقي الحافلات المدرسية للإفطار و التدخين، و بصوت جهوري قالت : أيكم البواب ..! ليقفز أبو عامر بسرعة و يقف على رأسها- القصير نوعاً ما- و يردد بخوفِ رجل غلبته النساء: "سمي آمري موجهه..؟!"

"لا .. لا ... أنا المديرة الجديدة أرفع الزبالة من غرفتك و نظفها و لا حتى الجني يجلس معاك وقت الدوام ..!"

و داخل أسوار المدرسة العالية لم يكن نصيب أم عامر أقل من زوجها بل على العكس نالت من التأنيب كماً أنساها كل المديرات اللطيفات ممن سبقن الأستاذة وديعة .. 

بعد أسبوع من القوانين و القرارات الصائبة و الخائبة قررت الاستاذة وديعة تخفيف الضغط عن دورات المياه بتهيأة حمام الساحة الخلفية و فتحه للطالبات ...و لأول مرة رفضت أم عامر الانقياد للأمر .. بل كانت تنتفض و هي تردد لنفسها بصوت شبه مسموع "قل أعوذ برب الناس ملك الناس .." و قطع الآيات صوت وديعة : 

سأوقعك على لفت نظر لعدم قيامك بمهام عملك ..! يا استاذة لو وقعتني على الفصل و إنهاء الخدمات لن أُدخل حمام الساحة أبداً ..! 

لماذا ..؟! 

أنا أخاف أخاف بسم الله بسم الله ... رددتها و هي تلتفت يمنة و يسرة ثم اتبعت ...قبل أكثر من عشرين سنة انتهى اليوم المدرسي و بقيت طفلة من طالبات الصف الأول في الحمام لم يفتقدها أحد إلا بعد العصر و عندما حضروا للمدرسة وجدوها هناك في حالة سيئة و بقيت عدة ايام ثم اختارها الله ..و تقول زميلتي السابقة أنها كانت تسمع أصواتاً من تلك الناحية و كذلك الطالبات و بقي المكان مهجوراً مقفلاً منذ ذلك الحين ..! 

ماشاء الله قصة و خيال واسع و يفترض أن أصدق هراء مستخدمة مثلك تؤلف القصص حتى تبرر تكاسلها عن العمل ..! 

رفعت وديعة سماعة الهاتف و اتصلت بالمديرة السابقة و سألتها عن الموضوع و أنهت المكالمة بعبارة : " لن استريح ...و لن اسد الباب .. و أهلاً بالريح .. " و أكملت .. " مديرة فاشلة متخلفة ..!" 

أحيانا يصدر الناس أحكاماً على الغير بسبب موقف أو تصرف واحد عند وديعة كانت مكالمة واحدة كافية و كافية جدا 

في الإجازة الأسبوعية حضرت المديرة مع اشراقة شمس يوم الخميس و بصحبتها اثنين من العمال .. و طلبت منهم تكسير باب الحمام المغلق بإحكام طيلة هذه السنوات و بالفعل كسر العمال الباب و تقدمتهم وديعة للدخول فمن يدري قد تخفي هذه الـ " أم عامر " مصيبة لابد من كشفها .. ثم طلبت من أحد العمال كسر القفل الداخلي لباب الحمام وجد العامل سلسلة ذهبية بحرف (العين) معلقة على القفل حاول انتزاعها فلم يفلح و اشارت إليه وديعة بأنها غير مهمة ابدأ التكسير و فعلا كسر القفل فأنبثق منه سائل أحمر و بدأت قطراته تبلل أرضية الحمام الجاف ذي الرائحة النتنة .. صاح أحد العمال : هذا دم ..!؟ نظرت إليه وديعة باستخفاف و قالت : حتى الصدأ لا تعرفونه ..! 

و أمرته باحضار منشفة و طلبت من العامل الثاني احضار المنظفات كي تبدأ عملية التطهير ..! 

بعد دقائق عاد العمال إلى وديعة و يبدو أن المشوار الصباحي أنهكها فجلست مستندة إلى الجدار لكنها نظفت الحمام بسرعة فائقة فقد كان زاهياً لامعاً كالجديد مع بقاء رائحته النتنة ..

كانت وديعة مطأطأة رأسها و هي تطلب من العمال أن يعيدوا تركيب القفل الداخلي و الخارجي و حتى المنظفات لا حاجة لها .. لقد تم التطهير بنجاح ..! 

تبادل العاملان نظرات الدهشة و قال أحدهما : 

" أنتي مدير كبير خلاص كيفك ..!"

مع صبيحة يوم السبت استدعت وديعة أم عامر و جاءت المسكينة تجر رجلاً وتؤخر أخرى .. و قالت :استحلفك بالله لا تفصليني لأجل حمام تريدين فتحه .. افتحيه أنت صاحبة المكان لكن ... 

قاطعتها وديعة : 

"أفتح ماذا و أترك ماذا .. سيأتي العمال بعد قليل لتركيب مجموعة العاب للبنات مدرسة كئيبة مافيها روح ..! افتحي التكييف لأقصى درجة الغرفة حارة ..!" 

ثم أعطتها نشرة و طلبت منها توقيع طاقم المدرسة كاملاً على ما ورد فيها و هي أولهم .. 

في غرفة المعلمات فتحت استاذة مها الدفتر و بدأت بقراءة النشرة على زميلاتها اختصاراً للوقت : 

" على جميع المنسوبات الابتعاد عن دورات المياه الموجودة بالساحة الخلفية فهي خطرة جداً و آيلة للسقوط حفظكم الله من كل مكروه ... مديرة المدرسة ... عهود ..! "

 

الأحد، 9 أغسطس 2020

القطة الجائعة 😈

القطة الجائعة 😣🤯😈


الشقة جميلة و الحي هادىء .. لماذا تصرين على الانتقال إلى مكان جديد..؟! 

لا أشعر بالراحة هنا .. أريد مكاناً ينشرح فيه صدري و لا اشعر بالخوف ..! 

الخوف ..! و مم تخافين ..؟

لا أدري .. المهم أبحث لي عن مكان آخر حتى و إن كان أصغر أو بعيداً عن أهلي ..! 

لم تتمكن صفية من مصارحة زوجها بحقيقة الأمر .. ماذا سيقول عنها ..

صفية المثقفة طالبة الدكتوراة تخاف من الجن و العفاريت و تصدق خزعبلات قديمة متوارثة ..! 

لكنها تعبت من تلك القطة السوداء ..التي تلاحقها منذ استقرت بهم الرحال في هذه الشقة ..

واسعة و جميلة و جديدة أيضاً .. لم يسكنها أحد قبلهم .. ربما تعيش في الشقة أرواح خفية .. لا قد يكون للأمر علاقة بالجيران ..

يعني استغفر الله بس تحس أن وراهم مصيبة.. هذا ما قالته لصاحب العقار عندما حضرت لمعاينة المكان لأول مرة .. 

و لم تنس نظرته القاسية و هو يقول لها : عيب يا مدام كلنا عبيد ربنا ..! 

هل سلط عليها هذا العقاري أو ذاك الجار أحداً من أهل الأرض أو السماء ليؤذيها..! 

أنها لا تعلم ما تقول و لو تركت نفسها للتفكير سيقودها ذلك الأمر يوماً ما إلى حفلة زار .. أو إلى ساحر يفك قيودها ..

انتفضت : مستحيل .. مستحيل .. أنا انسانة متعلمة .. تغيير المكان هو الحل الأفضل .. تجديد للنفس و الروح .. و ابتعاداً عن هذه السوداء اللعينة..! إنها في كل مكان ..على درج العمارة .. و تحت عجلات السيارة و احياناً فوقها .. تنتظرني في كل مكان .. 

استيقظت من النوم و نظرت إلى المرآة بجانبها .. يا الله كم أنا جميلة هذا الصباح ..! 

فعلاً الراحة النفسية لها دور عظيم في الحب ..في الجمال .. في السعادة .. في كل شيء. 

أعدت القهوة على عجل فهي اليوم على موعد مع المشرفة على الرسالة لإنهاء كافة الملاحظات تمهيداً للمناقشة .. 

منورة اليوم ..!

بوجودك حبيبي .! أتذكر الشقة القديمة و كيف كان تأثيرها سيئاً على نفسي و هانحن اليوم نكمل شهراً و زيادة هنا و لم أر شيئاً ..! 

ماذا .. ترين شيئاً ..؟! 

أقصد .. أقصد ..لم أر شيئاً يكدر خاطري هنا ..! 

مع أن العمارة قديمة .. لكن لا أنكر المكان جميل و الجيران لطفاء ..

نعم ..نعم 

و هي تهم بالمغادرة .. التفتت عليه و قالت : 

لماذا تُحمل لعبة القطة الجائعة على جهاز محمد ألم أخبرك أنها تزعجني ..! 

هاهي تصدر صوتها المزعج تريد طعاماً .. احذفها رجاءً ..قبل يومين كانت تصيح و استيقظت فزعة منها .. 

أي قطة .. و أي جائعة .. يبدو أنك أنتِ الجائعة ..يضحك و هو يذكرها : أنسيتِ أن جهاز محمد مكسور و هو في العاصمة منذ اسبوعين لاصلاحه..! 

الأربعاء، 20 مايو 2020

ليلة العيد..! 

ليلة العيد..! 


😈😈😈👻👽👽👽

٢٧ يونيو ١٩٨٤ 

الساعة ١٠ مساءً ...

كانت منى سعيدة جداً و هي تجرب الفستان الأصفر الجديد الذي اشترته قبل ساعات، و أخذت تدور حول نفسها كطفلة صغيرة فرحةً بطبقات الشيفون المنسدلة على أكتافها و التي تتحرك يميناً و يساراً بفعل المروحة الواقفة بطولها في زاوية الغرفة ..! 

توقفت فجأة لتخرج من الأكياس "شارلستون" رجالياً أحمر اللون و بدأت تقلبه و تحدث نفسها بصوتٍ عالٍ "يا ريت يوافق سعد يلبسه ... زهقت من السروال و الفانيلة ..! " و هنا دخل سعد و تساءل عن شعرها الطويل ماذا فعلت به ...! 

"قصيته قصة جديدة اسمها ديانا بالموت عرفت ام مصطفى تقصها خذت صورة ديانا من المجلة و مشت على شعري خصلة خصلة.." 

ذكرها بموعدها بعد اسبوع من العيد مع الشيخ، ليكمل معها القراءة ..عندما أنهى كلماته كأنه صفعها صفعة اعادت لها رشدها و ذكرتها بـما مضى ... كانت تعيش منذ أكثر من شهر حياة جميلة هانئة لم تنغصها أو تكدرها تلك الهلوسات السمعية و البصرية التي تراءت لها مع الليلة الأولى لزفافها ..! 

حدثت نفسها بأن الشيخ الذي يقرأ عليها محترفٌ و يجيد ما يفعل .. خاصة موضوع الكتافات ...! بحثت عن الفستان المخطط ذي الاكتاف العريضة المحشوة بالاسفنج ، الذي قرأ الشيخ فيه و أمرها بوضع بذور البطيخ فيها ثم اعادة خياطتها و ارتدائها لأن "أخزم" لا يحب البطيخ ... ! و بعد أن وجدته عرفت من رائحته.. أن حبات البطيخ تعفنت فيه... لكن لا بأس مِن ارتدائه الليلة أثناء سحورها مع ( الحمولة ) ليبتعد عنها الحسد الذي يسلط عليها الشياطين ...! 

تسحرت منى و خلدت إلى النوم قبل صلاة الفجر ... و كان أن شاهدت في منامها طيفاً لم تعرف ما هو كان له وجه أسود حالك الظلمة و عينان تشتعلان شرراً ...! كان ينظر إليها ضاحكاً و يدق بحوافره في الأرض و يقول : الليلة إفراج ...!

بكرة أنا جنبك ..!

استيقظت مذعورة .. كيف عاد إليها بعد كل هذا الغياب ...كانت نبضات قلبها ترن في صدرها حتى كادت تقتلع اضلعها و قطرات ساخنة انحدرت على جبينها .. زفرت من الأعماق و عادت للنوم مرة أخرى فغداً لديها يومٌ حافلٌ بالعمل .

٢٨/ يونيو /١٩٨٤

العاشرة صباحاً .. سعد يفتح باب الغرفة مندفعاً و يوقظ منى ..! 

"قومي ... قومي .. اليوم عيد .. عيدت المسلمين ..!"

 نظرت إليه منى شزراً : اليوم الهريس على مرت اخوك ..!

رفع عن وجهها الوسادة و هو يقول : عيد .. عيد .. أي هريس و أي عصيد .. قومي

بدأت تستوعب الأمر : أي عيد ما نشفت الزولية و لا مسحنا الجدران باقي يومين ..! 

رد عليها و هو يبحث عن غترته الجديدة : يقولون الشهر فيه خطأ و الهلال طلع من البارح و المصيبة علينا قضاء ...! 

كانت كل الصبايا في المنزل يعملن على قدمٍ و ساق فالجميع أمام عيدٍ سريعٍ مفاجيء.. هبط قمره عليهم دون مقدمات .. فالأم تولت أمر المجلس و الفتيات أمسكن بزمام المقلط ...و طبخت الكنة الثانية غداء العيد ، أما منى فقد كانت منشغلة بتقطيع أكبر قدر ممكن من البطيخ ...و خلفها وقف أخزم يضحك و يقول :


"بعد بعد ما يكفي" 😈😈😈👻👽👽👽


تعوذوا من ابليس و اقرأوا الأذكار 😁

تصبحون على خير ...! 

السبت، 1 فبراير 2020

عروس الطبينة

عروس الطبينة 


إنها اللحظات الأخيرة ..هاهي تودع أمها بدموع ثقيلة تود الانحدار لكنها تخشى من سيلان الكحل أو تساقط الرموش الصناعة .. و عند نهاية القاعة و قبل الخروج ألقت نظرة على صديقاتها و على صبايا الأسرة و ألقت عليهن باقة الزهور ..الصناعية أيضاً... لتلتقطها أحداهن بعد صراع مع الأخريات لعل النصيب يطرق بابها بعد فِدى.. صاحبة الحظ الذي كسّر الألماس ليطوق به عنقها الجميل ..فحفل زفاف آسرٍ كهذا لم يتخيله أحد في أسرتها .. زوج وسيم و عائلة ثرية و ماذا تريد أكثر .. هكذا أقنعت أم فدى والدها بنجاح هذه الزيجة رغم جهلهم المطبق بهذه العائلة التي هبطت عليهم من السماء و معها قطعٌ من نعيم الجنة. 

بصعوبة ركبت فدى السيارة بجانب زوجها أدهم ؛ فالفستان كان يحتل ثلثي السيارة الفارهة و لولا الحاجز لوصلت أطرافه إلى السائق ..! 

كان أدهم عريس "لؤطة" كما يقولون و رغم جمالها إلا أنها مفتونة به سعيدة و تكاد تطير فرحاً و كأنها طفلة حصلت على دمية لأول مرة في حياتها و لم يكن أقل منها فرحاً فكانت عيناه تلمع من السعادة و يكاد سناها يُذهب قلب فدى .. 

انتبهت العروس إلى الطريق الذي تحول إلى طريق المزارع فسألت أدهم : 

-ألن نذهب إلى الفندق الليلة ..؟

- ليلة جميلة كهذه لابد أن نقضيها في مزرعتنا الخاصة فأنا لا أحب الفنادق ..يزعجني صوت جهاز كشف الحرائق ..! هل يعقل أن يبخل عليّ و هو الذي دفع كل هذه الألاف حتى يسعدني الليلة .. لا يستحيل أبعدت الوساوس عن رأسها و اقتنعت بأن من يدفع مليوناً مهراً لها لن يبخل عليها بشيء أبداً..! أمسكت بهاتفها تقلبه لكنها تفاجأت بانقطاع الشبكة و عندما سألته تحجج ببعد المنطقة عن الأبراج .. فاكتفت بتقليب نظرها بين المزارع و النخيل و بعد مدة ليست باليسيرة انتبهت فدى و قد تحول الطريق إلى ظلام دامس .. شعر أدهم بخوفها فطمأنها بأنهم اقتربوا و فعلاً كانت أنوار القصر قد بدأت بالظهور لتبدد كل الظلام .. إنه حقاً قصر الأحلام ..! دخلت السيارة إلى البوابة الرئيسية و كان الطريق داخلها أضعاف طريق الوصول إليها .....و إخيراً توقفت السيارة ففتح لها الباب شاب وسيم يشبه زوجها.. لا إنه هو بعينه .. التفتت عليه لتسأله هل لديك توأم .. فرد السائق: من تقصدين ؟! و كان هو الآخر نسخة أخرى و خلال دقائق كان حولها من أدهم خمس نسخ و أمام كل نسخة كانت تصرخ خوفاً و فزعاً .. حملوها و هي متجمدة إلى خالتها أم أدهم .. بكت و هي تضرب وجهها و قد تساقطت الرموش و تمازجت الأصباغ على وجهها .. قالت لها العجوز : أجمل لوحة لقد أحسنت الاختيار فعلاً يا حبيبي..! تجمدت فدى في مكانها .. كيف .. متى .. لم تعرف كيف تنهي السؤال ..! لكن أم أدهم كانت تعرف كيف تبدأ الاجابة..

- حبيبتي فدى لنكن واضحين معاً... أنتِ عروس أدهم نعم .. لكن الذي لا تعرفينه أنك عروس الأسرة كلها و نحن ننتظر هذه الليلة منذ ١٠٠ عام .. أو بالضبط كل ١٠٠ عام فأنتِ العروس السابعة لكنك أجمل من رأتها عيني .. هذا الشقي أصبح خبيراً .. قالتها و هي تنظر إلى “الأدهمين” بطرف عينها .. انهارت فدى و حاولت أن تتمتم بالناس أو الفلق لعله كابوس و تستيقظ منه لكنها لم تقدر ...و أخيراً تحدثت: يعني أنتم .. بسم الله .. قاطعتها أم الأدهمين .. نعم ..وصلتي خير .. نحن بسم الله ..قبل ٧٠٠ سنة كان زواج ادهم مثل هذه الليلة لكن مزارعاً غبياً منكم و هو يحرق “الطبينة” أحرق معها قطة متعمداً ، أنتم البشر عندما تفرغ عقولكم من كل شيء تفعلون أي شيء و تعللونه بقضاء الوقت .. المتعة .. أو قتل الفراغ و لابد أن تدفعوا ثمن هذا العبث..

- يعني كل ١٠٠ سنة تختارون عروس بدل قطتكم..؟! 

- نعم فالقطة كانت عروس أدهم.. و أنت أجمل البدائل حتى الآن ..أنا متأكدة بعد ان نحرقك سترقد روح عروستنا بسلام بعد كل هذه السنوات ..! و حملها الأدهمون 

- تحرقوني .. لا .. لماذا .. أنـ ..؟! انقطعت الكلمة الأخيرة و هم يرمون بها بين أكوام السعف المشتعلة .. و بدأت حفلة جديدة ..! في صباح اليوم التالي كان الدخان المنبعث من الطبينة على وشك المغادرة و خيوطه يسحب بعضها بعضاً .. و داخل السيارة كان هاتف فدى مفتوحاً و على شاشته رسالة : 

- الف مبروك يا ماما ما قصرت ام زوجك دفعت للطقاقة زيادة و خلتها تغني للصبح بس اختفت ما شفناها بعد ما طلعتي كل أهل زوجك اختفوا تقولين طاروا و لا بلعتهم الأرض .. .. !

الخميس، 26 ديسمبر 2019

بعد أسبوع 

بعد أسبوع ..!

انقضى نهار هذا اليوم و انقضى معه اسبوع مفصلي في تاريخ التعليم في السعودية و سبحان من جعل هذه النهاية متزامنة مع حدث كوني عظيم و هو كسوف الشمس الذي من الله علينا بانقضائه على خير .. فسبحان من له الدوام .. لا شيء باقٍ للأبد فلا الشمس منيرةٌ دائماً و لا التقويمُ يبقى مستمراً ..! 

انتشر قرار تطبيق الاختبارات للمرحلة الابتدائية في "الوتس" قبل فترة و لم نجد من يثبت أو ينفي ...و بين ليلة و فجرها قبل ضحاها ..ثبتت الرؤية و ارسلت التعاميم (المتناقضة أحياناً) و تتابعت بضراوة في فترة قصيرة جداً و مع هذا تم التطبيق بفضل الله ثم بجهود العاملين في الميدان و اليوم قُضي الأمر و لابد له من وقفة ..

كنت أصحح أوراق الطالبات و أنا أشعر بسعادة بالغة لعودة هذه الاختبارات لأنها تقدم مقياساً حقيقياً لمستوى الطالبات، فلا مكان للإعادات التي لا فائدة منها غير ضياع الوقت و الجهد و تسطيح التعليم في ذهن الطالب .. و انتصرت الطالبة المتفوقة بعد سنوات من ضياع تميزها و أخذت المتوسطة و الضعيفة حقوقهن و أهمها حقها في معرفة مستواها الحقيقي دون تلميع و ترقيع التقويم المستمر .. و أتمنى من الله صادقةً أن تصل كل التجارب الفاشلة في النظام التعليمي إلى الحقيقة مبكراً و ألا تتأخر عشر سنوات، يضيع فيها جيل كامل.. حتى نعترف بأنها مضيعة للوقت و الورق و العقول ..! 

يبقى أمر في غاية الأهمية و إن لم يُطبق فلن يحقق التغيير الهدف المرجو منه .. إنه الصف الأول و هو بالطبع غير قابل لتطبيق الاختبارات لكن ترحيل جميع طلاب الصف الأول إلى الصف الثاني بعبارة متفوق و متمكن و ما بينهما لن يجدي بعد الآن .. الصف الأول هو المحك الحقيقي .. ينتهي العام الدراسي و الطفل متقن لحرفين أو ثلاثة من الثمانية و عشرين و مع هذا ينقل للصف الثاني و هناك تزداد المشكلة صعوبة و يتراكم الضغط على عقله الصغير .. 

التغيير أو العودة للاختبارات تقدم لنا و لابنائنا دروساً في قيمة الوقت و قيمة العلم و قيمة الإخفاق ايضاً فلولاه لما كان للنجاح طعم .. 

إجازة سعيدة ..💕



الجمعة، 25 أكتوبر 2019

متى يؤذن الظهر ..!؟

متى يؤذن الظهر ..؟! 


كنت اسمع هذا السؤال منذ أن فتحت عيناي على الدنيا لحرص جدتي رحمها الله على الصلاة في وقتها و رغم ساعتها البيولوجية الدينية الفطرية التي تشعر بوقت الآذان إلا أنها تسألنا زيادة في الحرص .. توفيت جدتي و اختفى معها السؤال.

 مع مطلع هذا العام الدراسي شاءت الأقدار أن يتحول تخصصي إلى التربية الفنية لطالبات الصفوف الأولية و لا غرابة في ذلك فأنا معلمة في المرحلة الابتدائية .... في حصة الفنية التي كانت الثانية في الجدول المدرسي ، عاد إليّ سؤال جدتي : متى "يأذن" الظهر ..؟! 

سألتني إياه طفلة صغيرة بالكاد أكملت سبع سنوات و اخبرتها بالتوقيت و لا أخفيكم فرحت بتعلق قلب الصغيرة بالصلاة و مع تكرار الحصص و الأيام ، تكرر ذات السؤال على مسمعي... و السبب إرتباط الآذان باقتراب وقت الخروج من المدرسة..! حينها تيقنت أنه الملل الذي يتسرب إلى قلب أطفال لم يبلغوا الزهر بعد فلا زالوا بذوراً تحتاج غرساً و رياً و حباً ثم حباً ثم حبا ...

هذه الصغيرة و أمثالها كثر يستيقظون في السادسة صباحاً على الأغلب و ينتهي مشوارهم في الواحدة تماماً ؛ كل هذه الساعات تقضيها صغيرة الصفوف الأولية على مقعد الدراسة، تكفيها منها فعلياً أربع ساعات و أما الباقي فهي تعد فيه الحصص و تسأل عن آذان الظهر ...! 

صغيرتي هذه ذكية جداً و متفوقة جداً لكنها تفتقد أمها و تشتاق إلى منزلها و الغياب عنه في هذه السن المبكرة لست ساعات و أكثر مؤذٍ لصحتها النفسية و الاجتماعية.

عندما ابتكر المبدعون في التعليم حصصاً أثقلوا بها حقائب الطلاب و أوقاتهم كنا نتمنى حينها أن يكونوا على صواب و أن هذا لصالح البلاد و نفع العباد لكنه للأسف كان وبالاً على الحاضر فيه و الباد ..! 

فهاهي هيئة تقويم التعليم تعلن صراحة عن تدني مستوى المخرجات التعليمية و عدم تحقيق المأمول منها في الاختبارات الدولية و بدأ (المبدعون إياهم) في تقاذف كرة الاتهامات فهناك من ألقاها على البيئة و الظروف و الأسرة و على ( المعلم الرجل) و المناهج و المباني و التقنية و ( ببجي) و الدجاج و الهرمونات و و و هي ستستقر بطبيعة الحال على رأس المعلم في الأخير... لكن للأسف لازال الأغلب صامتاً عن طول اليوم المدرسي ..! ناهيك عن طول العام الدراسي نفسه الذي يجعل من الأطفال الخبرة من طلاب الصفوف العليا يتساءلون عن أيام تعليق الدراسة و العطلات الرسمية أكثر من سؤالهم عن آذان الظهر فخروجهم من المدرسة في ١:٤٥ أقرب إلى صلاة العصر مما سواها ...! 

 إن كان الهدف إشغال المعلم فلا بأس أشغلونا ... لكن ما ذنب الأطفال في البقاء.. و إن كان الهدف صالح الأطفال فهاهي النتائج تخبرنا بأن معظم هذا الوقت لا قيمة له ..! 

قبل سنوات قمت بترجمة مقطع عن التعليم في فنلندا و كانت حينها تحتل المركز الأول (حالياً المركز الثالث ) على مستوى العالم و كان مما تفخر به المتحدثة أن اليوم الدراسي يستغرق ثلاث إلى أربع ساعات بحد أقصى و أن الواجبات قليلة و مع هذا النتائج الدولية في القراءة ، العلوم و الرياضيات كانت عالية و تتخطى الدول الكبرى بمراحل ...! 

رغم كل ما ذكرت فلازلت متفائلة بالقادم من الأيام و أتمنى أن تكون الخطوات التصحيحية التي نقرأ عنها في تويتر و الوتس، حقيقةً مشاهدة و أن يكون التغيير يخدم الطلاب فعلاً و أن ينسيهم سؤالاً آخر يطرحه الجميع.... كم باقي على العطلة ..؟!