الاثنين، 1 ديسمبر 2014

تاريخنا ملهم

تاريخنا مُلهم - http://www.hasanews.com/6253061.html
بقلم امال العرجان 
٢٠١٤ ...عام انصرم من بين ايدينا و قد حفل بالكثير من القرارات التي حملت في طياتها البشرى للكثير من العاطلين عن العمل و كذلك الأمل لغيرهم الأكثر؛ بأن حلم الوظيفة قد قارب على التحقق، وتنوعت التعيينات بين التعليمية و الإدارية و منها ما كان موافقا لتخصص المتعينين و المتعينات و منها ما كانت طبيعته مخالفة تماما لما تأهل له الخريج بعد سنوات من الدراسة.

ما شدني في الأمر ...التاريخ  و أعني بالتاريخ تخصص التاريخ أو الاجتماعيات كما تسميه بعض الجامعات.
في كل مرة التقي بإحدى المعينات الجدد ، المدربات في المعاهد، الصحفيات، أو ..أو غيرهن، يفاجأني الرد حين أسأل عن التخصص أو المستوى التعليمي بأنه بكالوريوس تاريخ. لكن المضحك المبكي في الأمر أن تلك الصحفية أو المدربة أو حديثة التعيين لا يمت عملها بصلة لذاك التخصص. مالذي حدث و يحدث .؟؟
الأمر ببساطة .. طاقات شابة تخرجت من التاريخ لتدخل في دوامة الديوان و التقديم عاما بعد اخر و تفاديا للملل توجهت بعضهن لدراسة الماجستير أو الدبلوم العالي لعل و عسى يتحقق حلم الوظيفة  و البعض تجاوزت ذلك بدراسة البكالوريوس من جديد لكن في تخصص اخر و بالفعل الكثير من المعينات على تخصصات الحاسب في فترة ما كان تخصصهن الأصلي تاريخ..! و ينطبق الأمر على عدد من الاعلاميات المتميزات اللاتي التقيت بهن سواء في الأندية الأدبية أو في مهرجانات أرامكو على امتداد الساحل الشرقي، أغلبهن تاريخيات ..!! و حين الاندماج معهن في محيط العمل أو حتى في الزيارات الخاصة ُتفاجأ كمحاور لهن بالكم الهائل من الدورات التي حصلت عليها في سني التاريخ العجاف و التي تتنوع مابين مهارات التفكير و البرمجة العصبية و حتى تدريب المدربين! لا أخفيكم أنني أغبطهن أحيانا لأن الفراغ اتاح لهن فرصة التجريب و الصقل ..و اعادة اكتشاف قدراتهن من جديد .. إنه حقا الهام تاريخي.
لكن العالم من حولنا يعيش تطورات مذهلة على جميع الأصعدة فما الذي يمنع التعليم من مواكبة هذه التطورات، فبدلا من الاستمرار في تخريج دفعات تزيد من البطالة المقنعة و تضيع أعمار الدارسين أو الدارسات المجبرين عليها، يمكننا فتح تخصصات جديدة متنوعة حديثة مختلفة عما هو موجود، و ينبغي أن يحدث هذا الأمر سريعا فالعالم من حولنا لا ينتظر. فلاحظنا بعد تخصصات التربية الخاصة و رياض الأطفال سرعة اكتفاء المجتمع بما تم تخريجه فأعداد الدارسين دوما في ازدياد؛ و عليه ينبغي التخصص أكثر و أكثر مثلا التوحد تخصص مستقل، المكفوفين، الترجمة، قواعد اللغة، و غيرها الكثير من فروع العلوم الموجودة بأدق تفاصيلها في العالم الغربي. 
طبعا أنا لا أنادي هنا بتعطيل التاريخ و لا تعطيل خريجاته، لكنه أمر شد انتباهي و اتمنى من القائمين على التخطيط للتخصصات الجامعية مراعاته مستقبلا فإن كان تاريخنا ملهم لشخصيات كثيرة فهو قد عطل بشكل أو بآخر شخصيات أخرى و أضاع من أعمار المبدعات دهرا.

دكتور في سوق الخضار


تغيرت حياتنا في السنوات الأخيرة بدرجة كبيرة حيث سهلت الكثير من الأمور، وعقدت أخرى.ففي زمنٍ ما كانت احتياجات المنزل يقوم بها رب الأسرة أو أحد أبناءه، و في حال غياب الإثنين لأي سبب ستجد من الأقارب أو الجيران متطوعين كثر يؤدون المهمة برضى، وعن طيب خاطر، لكن اليوم بلمسة واحدة على شاشة الجوال يأتيك كل شيء بدءاً بصندوق الطماطم و لا ينتهي بشهادة عليا! كل ما عليك الدفع فقط ..!
حيث أصبحت الثياب و المواد الغذائية، وكل السلع الأساسية، والإستهلاكية تصلك إلى باب المنزل .
الطريف في الأمر أن الكثير من القائمين على المهمة سابقاً أصبحوا يتضجرون من أقل طلب فهذا شاب عاطل عن العمل و قد لا يحمل شهادة لكنه يعجز عن التسوق للأسرة أو قضاء أبسط متطلباتها و التي ربما يكون هو نفسه المستفيد الأول منها و فتح هذا الأمر المجال على مصراعيه لخدم المنازل الذين أصبحوا يؤدون هذه المهام إلى جانب شركات التوصيل و حسابات الإنستغرام…!في ذات الوقت ضعفت الرقابة على السلعة فبعد وصول الملابس نكتشف أن القماش مختلف عما شاهدناه و بعد وصول الطعام نكتشف رداءته و قلة نظافته و هكذا دواليك.و على جانب آخر بعيد جداً نجد الخبراء التربويين يتحدثون عن ضرورة قيام رب الأسرة مهما كان وضعه في المجتمع بأداء تلك المهام أو على الأقل بعضاً منها للتحقق من جودة المنتج من جهة و ليشعر أفراد الأسرة بدور الأب أو الأم أو حتى الأخ الأكبر بدلاً من الأحساس المتعاظم اليوم بأهمية العاملة أو السائق. فهم -أي الخبراء- ينصحون الوالدين بمشاركة الأبناء في قضاء احتياجاتهم الشخصية أو مرافقتهم لشراء لوازم المدرسة و غيرها الكثير من طلبات الاسرة، و على الرغم من أن البلد واحد إلا أننا لا نرى هؤلاء الخبراء بيننا في الأسواق فهم أيضاً جزء من هذه الظاهرة، لكن المفاجأة التي شاهدتها في سوق الخضار المركزي بالأحساء كانت وجود وجه تربوي أحسائي وصلت شهرته آفاق العالم العربي و شاهدناه و سمعناه على شاشات و إذاعات عربية و خليجية كثيرة .. ماذا يفعل هذا الدكتور في سوق الخضار ؟؟! تابعته بنظري و أنا انتظر في السيارة بل و التقطت عدة صور له و هو يتجول بين البصل و الطماطم و أنواع الفاكهة يقلب هذه و يختار تلك دون تأفف ذلك العاطل و لا إهمال ذاك السائق. لم تمنعه المشاغل من أمر قد يكون مزعجاً له فكثيراً ما كان يتوقف ليسلم على هذا الرجل أو ذاك مبتسماً تارة و مجاملاً تارةً أخرى، مخالطاً البسطاء من الناس؛ بل و الأميين منهم و لم يقلل ذاك من شأنه أبداً لا بين أفراد أسرته و لا بين الناس. أمثال هذا الدكتور من الآباء و المعلمين و الأطباء و غيرهم لا زالوا بيننا لكن الحضارة و طغيان التقنية على كل شيء يجعلهم أو يجعل اهتماماتهم في تغير مستمر.إن متابعة أمور الأسرة مهما كانت بسيطة، لا تحتاج إلى مزيدٍ من العلم و لا المال .. يحتاج ذلك أمراً واحداً فقط .. الاهتمام و لا شيء سواه.
 http://www.hasanews.com/6223001.html