الاثنين، 1 ديسمبر 2014

دكتور في سوق الخضار


تغيرت حياتنا في السنوات الأخيرة بدرجة كبيرة حيث سهلت الكثير من الأمور، وعقدت أخرى.ففي زمنٍ ما كانت احتياجات المنزل يقوم بها رب الأسرة أو أحد أبناءه، و في حال غياب الإثنين لأي سبب ستجد من الأقارب أو الجيران متطوعين كثر يؤدون المهمة برضى، وعن طيب خاطر، لكن اليوم بلمسة واحدة على شاشة الجوال يأتيك كل شيء بدءاً بصندوق الطماطم و لا ينتهي بشهادة عليا! كل ما عليك الدفع فقط ..!
حيث أصبحت الثياب و المواد الغذائية، وكل السلع الأساسية، والإستهلاكية تصلك إلى باب المنزل .
الطريف في الأمر أن الكثير من القائمين على المهمة سابقاً أصبحوا يتضجرون من أقل طلب فهذا شاب عاطل عن العمل و قد لا يحمل شهادة لكنه يعجز عن التسوق للأسرة أو قضاء أبسط متطلباتها و التي ربما يكون هو نفسه المستفيد الأول منها و فتح هذا الأمر المجال على مصراعيه لخدم المنازل الذين أصبحوا يؤدون هذه المهام إلى جانب شركات التوصيل و حسابات الإنستغرام…!في ذات الوقت ضعفت الرقابة على السلعة فبعد وصول الملابس نكتشف أن القماش مختلف عما شاهدناه و بعد وصول الطعام نكتشف رداءته و قلة نظافته و هكذا دواليك.و على جانب آخر بعيد جداً نجد الخبراء التربويين يتحدثون عن ضرورة قيام رب الأسرة مهما كان وضعه في المجتمع بأداء تلك المهام أو على الأقل بعضاً منها للتحقق من جودة المنتج من جهة و ليشعر أفراد الأسرة بدور الأب أو الأم أو حتى الأخ الأكبر بدلاً من الأحساس المتعاظم اليوم بأهمية العاملة أو السائق. فهم -أي الخبراء- ينصحون الوالدين بمشاركة الأبناء في قضاء احتياجاتهم الشخصية أو مرافقتهم لشراء لوازم المدرسة و غيرها الكثير من طلبات الاسرة، و على الرغم من أن البلد واحد إلا أننا لا نرى هؤلاء الخبراء بيننا في الأسواق فهم أيضاً جزء من هذه الظاهرة، لكن المفاجأة التي شاهدتها في سوق الخضار المركزي بالأحساء كانت وجود وجه تربوي أحسائي وصلت شهرته آفاق العالم العربي و شاهدناه و سمعناه على شاشات و إذاعات عربية و خليجية كثيرة .. ماذا يفعل هذا الدكتور في سوق الخضار ؟؟! تابعته بنظري و أنا انتظر في السيارة بل و التقطت عدة صور له و هو يتجول بين البصل و الطماطم و أنواع الفاكهة يقلب هذه و يختار تلك دون تأفف ذلك العاطل و لا إهمال ذاك السائق. لم تمنعه المشاغل من أمر قد يكون مزعجاً له فكثيراً ما كان يتوقف ليسلم على هذا الرجل أو ذاك مبتسماً تارة و مجاملاً تارةً أخرى، مخالطاً البسطاء من الناس؛ بل و الأميين منهم و لم يقلل ذاك من شأنه أبداً لا بين أفراد أسرته و لا بين الناس. أمثال هذا الدكتور من الآباء و المعلمين و الأطباء و غيرهم لا زالوا بيننا لكن الحضارة و طغيان التقنية على كل شيء يجعلهم أو يجعل اهتماماتهم في تغير مستمر.إن متابعة أمور الأسرة مهما كانت بسيطة، لا تحتاج إلى مزيدٍ من العلم و لا المال .. يحتاج ذلك أمراً واحداً فقط .. الاهتمام و لا شيء سواه.
 http://www.hasanews.com/6223001.html

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق