الأربعاء، 1 أبريل 2015

أبو حمزة

أبو حمزة 

استيقظت متأخرة على غير عادة و بسرعة فتحت درج الأوراق الرسمية ملتقطة بطاقة التطعيم لطفلتي خوفاً من فوات الحملة و أنا أُسوف يوماً بعد آخر و خلال ساعة، اخذتْ صغيرتي اللقاح و عدنا إلى المنزل و بدأت بإعداد الغداء، يومها نسيت التلفاز و الجوال و انهمكت تماماً في أعمال بيتي، فاجأني حرص زوجي بعد عودته على متابعة قناة العربية و تملكتني الدهشة حين علمت بعاصفة الحزم..!! متى تم التخطيط و كيف و أين و لماذا ؟؟...بدأت تقفز في ذهني الأسئلة و معها صورة ضبابية لرجل أعرفه جيداً رغم جهلي بملامحه .. قفز إلى ذهني أبا حمزة..!!
و أبو حمزة هذا جندي تابع لحرس الحدود من ابناء العائلة هاديء مسالم متزوج و بالطبع لديه حمزة و اخوته. لم يتحدث هو أو زوجته عن الموضوع لا تلميحاً و لا تصريحاً ..رغم أنه من المرابطين كما علمنا بعد ذلك. كيف استطاع الخروج و ترك هؤلاء الصغار و هو يعلم أنه مقبل على حرب لا هوادة فيها ؟ لماذا لم يتحدث عن الأمر و يعبر عن شعوره كما نفعل نحن المعلمات حين تجهدنا أعمال الاختبارات ؟ و ضاعت اسئلتي حول اليمن و حال اليمن في بحر اسئلتي حول ابا حمزة و الأبطال أمثاله ! 
تلك الليلة كانت الحرب على اشدها و حققت اهدافها في ذات الأمسية بفضل من الله ثم بفضل البواسل من جنود البلد ..لا ليسوا جنوداً للبلد لنصحح التسمية انهم البواسل من أبناء البلد ، لقد حدث هذا كله و أنا أغط في نوم عميق أشد ما أخشاه ألم بنيتي من حقنة التطعيم و فوات الحملة !
كيف لجيش يضم صنوفاً من البشر، فهذا بدوي و ذاك حضري و احدهم من الشمال و الآخر من الجنوب كيف اجتمعوا على كلمة واحدة و حافظوا على هذا القدر من السرية كي ننعم أنا و أنتم و كل من في المملكة بليلة هانئة لا يكدر صفونا فيها شي.
إنها التضحية التي لا تطلب العِوض تضحية دولةٍ بالنفس و النفيس طواعية لاعلاء راية الحق، و تضحية هذا الجيل الذهبي من الجنود الذين تركوا الدنيا بمافيها و من فيها لأجل كرامة هذه الأمة و حفظاً لحقوقها. إن هذا القدر العالي من الأمانة و المصداقية الذي أظهره الجنود في عاصفة الحزم حريٌ به أن يكون أنموذجاً يُحتذى في التدريبات العسكرية للأجيال اللاحقة خاصة هذه الأخيرة التي ترفل في النعم و التقنية و ثورة الاتصال و التواصل.
هنيئاً لنا هذا الوطن و هنيئاً لهذا الوطن أبا حمزة و رفاقه.
بالعامية "عسى عمركم يعمّر و سنينكم تثمّر "

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق