لم بقيتم (هنا ) و لم تهاجروا ..؟
فأجابتني بأن " فقيرنا ما يموت من الجوع، إن عطش شرب من العين و إن جاع فوق راْسه نخلة ..!"
الأحساء هي الـ ( هُنـا ) التي رفض اجدادي الهجرة منها ..! الأحساء التي تألق في التاريخ ذكرها و توشحت بالانتماء إليها شخصيات عظيمة على مر الأزمان.
الأحساء بلدي الجميل الذي كان في فترات تاريخية ممراً للكثير من الأمم في رحلاتها و هجراتها المختلفة و لأن لكل مارٍ أثر .. طبع أولئك أثارهم على هذه الأرض الطيبة .. و هناك من لم يكتف بالمرار و استحسن في الاحساء القرار .. فعمّر القصور و أسس الدور .. و لابد أن تكون أثارهم موزعةً بين ظهرانينا دون أن نشعر .. فالبحث عن الأثار لازال مهنةً تحتاج إلى الكثير من الاحترافية و التطوير.
تلك الأقوام بهرتها المزايا التي حبا الله بها الأحساء فالبلد المكتفي ذاتياً و غذائياً لا يشقى أبداً و مع مرور الوقت و تعاقب الأزمان ألفت هذه الأرض إنسانها و ألفها .. فألقت عليه من مزاياها .. فكان في روحه خضرة و في فكره نظرة و في لسانه عِبره..! فكان الأحسائي كما يشهد له الجميع طيباً من بلدٍ طيب ..
فيه صبرٌ و جلدٌ على الشدائد كنخلة أجداده و فيه لين و يسر كماء العيون الجاري تحت قدميه..!
و تحقق في الأحساء المنى، حين اكتمل الاهتمام بالإنسان و الأرض و التاريخ، في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله ورعاه و بجهود أقل ما يُقال عنها عظيمة .. تحقق الحلم و تم إعلان الأحساء ضمن قائمة التراث العالمي في منظمة اليونسكو و ذلك على يد صاحب السمو الملكي الامير سلطان بن سلمان حفظه الله.
و ماذا بعد ذلك ..؟!
ماذا بعد الاحتفالات و الفرح المجاني ..!
اليوم يبرز الدور الحقيقي لكل مسؤول على هذه الأرض العريقة، اليوم لابد على الجميع أن يعملوا معاً لتحقيق إنجازات تليق بالأحساء .. لابد لنا أن نعمل معاً لأجل أحساء أفضل .. نحن بحاجة إلى احسائنا الخضراء التي اجتاحتها حمى الاستراحات على حساب الباسقات .. و النتيجة ارتفاع غير مسبوق في درجات الحرارة داخل المدينة، نحتاج إلى عودة الأشجار و التشجير المنظم في المقام الأول و لا أعني به شجيرات تزرع في يوم و ليلة .. و تترك للإهمال حتى تموت ..!
الطرق السريعة تحتاج منا إلى وقفة غير سريعة، وقفة صادقة، و نصيحة لا تجعلوا هذه الوقفة على الطريق فهناك أبلٌ سائبة ..! أقول نحتاج وقفة مع الطرق السريعة و ضرورة تطويرها بما يليق بالمملكة عامة و بالأحساء خاصة.
لا نعلم مالذي يخبئه الغد .. و من هم زوارنا ..! فلقد وصلنا إلى العالمية و هذا يعني ألا يأتي زائر في أي وقت من العام؛ ليفاجأ بحدائق موصدة...! أو قصور تراثية تحت الترميم ..! نحن نرضى بذلك لأننا باقون هنا؛ ما يفوتنا اليوم ندركه غداً لكن الزائرين مهما طالت إقامتهم راحلون.
و عليه لابد أن نكون على أهبة الاستعداد و لابد للعمل أن يكون مؤسسياً تكاملياً متواصلاً لا يتوقف بتغيير مسؤول أو برحيل مفكر..و عندها فقط سيتحقق الهَنا في بلدي هُنـا.
مباركٌ لهذا البلد الطيب أهله .. مباركٌ هذا الإنجاز .. اللهم أهله علينا باليمن و الإيمان و أن يبعد عنا الفاسدين و الفساد .. ربنا و ربهم الله.
كتبته من الأحساء.
أمال العرجان