الاثنين، 27 أغسطس 2018

هنا بلد الهَنا 

قبل عشرات السنين هاجر بعض أقربائنا إلى إحدى دول الخليج الشقيقة، سألت جدتي رحمها الله :

لم بقيتم (هنا ) و لم تهاجروا ..؟

 فأجابتني بأن " فقيرنا ما يموت من الجوع، إن عطش شرب من العين و إن جاع فوق راْسه نخلة ..!" 

الأحساء هي الـ ( هُنـا ) التي رفض اجدادي الهجرة منها ..! الأحساء التي تألق في التاريخ ذكرها و توشحت بالانتماء إليها شخصيات عظيمة على مر الأزمان.

الأحساء بلدي الجميل الذي كان في فترات تاريخية ممراً للكثير من الأمم في رحلاتها و هجراتها المختلفة و لأن لكل مارٍ أثر .. طبع أولئك أثارهم على هذه الأرض الطيبة .. و هناك من لم يكتف بالمرار و استحسن في الاحساء القرار .. فعمّر القصور و أسس الدور .. و لابد أن تكون أثارهم موزعةً بين ظهرانينا دون أن نشعر .. فالبحث عن الأثار لازال مهنةً تحتاج إلى الكثير من الاحترافية و التطوير. 

تلك الأقوام بهرتها المزايا التي حبا الله بها الأحساء فالبلد المكتفي ذاتياً و غذائياً لا يشقى أبداً و مع مرور الوقت و تعاقب الأزمان ألفت هذه الأرض إنسانها و ألفها .. فألقت عليه من مزاياها .. فكان في روحه خضرة و في فكره نظرة و في لسانه عِبره..! فكان الأحسائي كما يشهد له الجميع طيباً من بلدٍ طيب .. 

فيه صبرٌ و جلدٌ على الشدائد كنخلة أجداده و فيه لين و يسر كماء العيون الجاري تحت قدميه..!

  و تحقق في الأحساء المنى، حين اكتمل الاهتمام بالإنسان و الأرض و التاريخ، في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله ورعاه و بجهود أقل ما يُقال عنها عظيمة .. تحقق الحلم و تم إعلان الأحساء ضمن قائمة التراث العالمي في منظمة اليونسكو و ذلك على يد صاحب السمو الملكي الامير سلطان بن سلمان حفظه الله. 

و ماذا بعد ذلك ..؟!

ماذا بعد الاحتفالات و الفرح المجاني ..!

اليوم يبرز الدور الحقيقي لكل مسؤول على هذه الأرض العريقة، اليوم لابد على الجميع أن يعملوا معاً لتحقيق إنجازات تليق بالأحساء .. لابد لنا أن نعمل معاً لأجل أحساء أفضل .. نحن بحاجة إلى احسائنا الخضراء التي اجتاحتها حمى الاستراحات على حساب الباسقات .. و النتيجة ارتفاع غير مسبوق في درجات الحرارة داخل المدينة، نحتاج إلى عودة الأشجار و التشجير المنظم في المقام الأول و لا أعني به شجيرات تزرع في يوم و ليلة .. و تترك للإهمال حتى تموت ..!

 الطرق السريعة تحتاج منا إلى وقفة غير سريعة، وقفة صادقة، و نصيحة لا تجعلوا هذه الوقفة على الطريق فهناك أبلٌ سائبة ..! أقول نحتاج وقفة مع الطرق السريعة و ضرورة تطويرها بما يليق بالمملكة عامة و بالأحساء خاصة.

لا نعلم مالذي يخبئه الغد .. و من هم زوارنا ..! فلقد وصلنا إلى العالمية و هذا يعني ألا يأتي زائر في أي وقت من العام؛ ليفاجأ بحدائق موصدة...! أو قصور تراثية تحت الترميم ..! نحن نرضى بذلك لأننا باقون هنا؛ ما يفوتنا اليوم ندركه غداً لكن الزائرين مهما طالت إقامتهم راحلون.

 و عليه لابد أن نكون على أهبة الاستعداد و لابد للعمل أن يكون مؤسسياً تكاملياً متواصلاً لا يتوقف بتغيير مسؤول أو برحيل مفكر..و عندها فقط سيتحقق الهَنا في بلدي هُنـا. 

مباركٌ لهذا البلد الطيب أهله .. مباركٌ هذا الإنجاز .. اللهم أهله علينا باليمن و الإيمان و أن يبعد عنا الفاسدين و الفساد .. ربنا و ربهم الله. 

كتبته من الأحساء. 

أمال العرجان 

بشرى فريدة 

حضرت الليلة محاضرة للأستاذة فريدة الجامع بمركز بشرى لتوعية الجاليات بالمبرز و كانت بعنوان (فأتقوا النار) 

بدأت الاستاذة محاضرتها بالحديث عن صفات النار، حجمها و اتساعها موقعها و خزنتها و الكثير من المعلومات عنها ، اقتطفت لكم بعضاً مما ذكر في هذه المحاضرة القيمة :

✏️لا يُعلم على وجه التحديد مكان النار و اختلف فيه السلف إلى من قال فوق في السماء و من قال تحت الأرض و القسم الثالث الذي نحن عليه أن موقعها ليس له أهمية في العبادة و ليس له تأثير فلا يهم مكانها. 

✏️خزنة النار ١٩ بدليل ( عليها تسعة عشر ) و استهزأ بهذا العدد كفار قريش لكنهم لا يعلمون عن عظم خلق هؤلاء الملائكة و يكفي وصف الله تعالى لهم غلاظ شداد، فالواحد منهم قادر بأمر الله تعالى على إفناء البشرية كلها.

✏️أكثرأهل النار من النساء لحديث الرسول صلى الله عليه و سلم بمعناه ان المرأة تكفر العشير و تكثر اللعن و هذا حديث صحيح و أضافت سبباً و هو كثرة الشهوات التي تؤثر في المرأة منها المرتبط بزينتها منها ما ذكرته المحاضرة ( النمص و الوصل سواء وصل الشعر او الرموش و وضع المناكير و التكاسل عن ازالتها قبل الوضوء ) 

✏️اقل عذاب أهل النار ابو طالب له جمرتان أسفل قدميه يغلي منها دماغه.

✏️أهل النار يأكلون و يشربون و يلبسون لكن و العياذ بالله كل هذا من النار و في النار فكل ما يجري لهم فيها عذاب في عذاب.

✏️يتساوى في دخول النار الجن و الانس ليس القصد في العدد و إنما في انهم مثلنا كفار مشركين مسلمين صالح و طالح يدخلون جنة و نار مثلنا تماماً.

✏️من الادعية المهمة التي لا يجب ان نفتر عنها ( اللهم أجرنا من النار ) من استعاذ منها ابتعدت عنه النار يوم القيامة و تقول للمولى عز وجل كان يكثر من الاستعاذة مني.

ذكرت المحاضرة الأمور التي تقي من النار و هي كثيرة لكن سأورد هنا أهمها و اسهلها( توحيد الله تعالى / الصلاة / حسن الخلق / إماطة الاذى عن الطريق / عتق الرقاب و هذا بديله كثييييير يحتاج محاضرة مستقلة / تربية البنات / غض البصر / الرفق بالحيوانات و غيرها

✏️احب أن اخص حديثاً ذكرته الاستاذة فريدة في معرض حديثها عن عتق الرقبة و بحثت عنه على الشبكة و وجدته و إن كان هذا الحديث هو الفائدة الوحيدة التي حققتها من عطلتي فنعم الفائدة. 

الحديث الذي سمعته منها لأول مرة :

عَن الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «مَنْ مَنَحَ مَنِيحَةَ لَبَنٍ أَوْ وَرِقٍ أَوْ هَدَى زُقَاقاً كَانَ لَهُ مِثلَ عِتقِ رَقَبَةٍ». بمعنى من أعطى أحداً شيئاً ينتفع به كالشاة يأخذ لبنها و نقيس عليها السيارة و الوعاء و اللباس و من اعطاهم ورقاً أي مالاً هم في حاجته و فرج عنهم حتى لو كانوا سيعيدونه و الثالثة من هدى الناس الى طريق ضيعوه سواء في مستشفى شارع بلد حتى في خرائط قوقل التي نرسلها بالوتس اب كل واحدة مما ذكر تعدل رقبة .. يا الله إن فضلك عظيم. 

بكينا مع بدء المحاضرة و بكينا أثناءها و ابدلنا الله تعالى في نهايتها سروراً و انشراحاً عندما ختمت الاستاذة فريدة درسها بالمنجيات من النار و عذاب النار.

اسأل الله تعالى أن يجازي الاستاذة فريدة و والديها و والديهم و احبابها و ذريتها الجنة و أن يباعدهم عن النار و اللهم اشمل بدعائي القائمين و القائمات على مركز بشرى و كل من زاره و استفاد منه و اللهم اشمل كاتب السطور بأجرهم يا رب العالمين. 

جزائري أحبته السعودية

أبو بكر ... جزائري أحبته السعودية 


توفي ليلة البارحة، الشيخ الجليل أبو بكر جابر الجزائري، عن عمر ناهز 97 عاما، تاركا خلفه مآثر لا تحصى ولا تعدّ.

ولد الشيخ أبو بكر الجزائري في قرية "ليوة" قرب طولقة ولاية بسكرة سنة 1921.

وحفظ الشيخ أبو بكر الجزائري القرآن الكريم في قريته، قبل أن ينتقل لمدينة بسكرة، التي نهل فيها العلوم الشرعية. في رحلته إلى الحج زار المدينة النبوية و أقنعه الجزائريون المقيمون فيها بالبقاء و فعلا لعلو الهم و الهمة استقر الشيخ في المدينة المنورة، حتى يتسنى له أخذ العلوم الفقهية من مصدرها في المسجد النبوي.

ولنباهة عقله، وسرعة إستيعابه لما يتعلمه، منح الشيخ أبو بكر الجزائري إجازة التدريس في المسجد النبوي وهو في الأربعينيات من عمره.

قبل ان يعيّن سنة 1960 كأستاذ في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، ليعمل مدرسا بها حتى إحالته على التقاعد سنة 1986.

لم ينقطع عن تقديم الدروس في المسجد النبوي إلى وقت قريب . لكنه توقف بسبب المرض والتقدم في السن فقُدر ما قضاه في التدريس بالحرم النبوي ما يزيد على الخمسين عاماً.

تتلمذ على يد الشيخ أبو بكر الجزائري عدد من المشايخ في الجزائر و المدينة أبرزهم الشيخ صالح المغامسي . و كان طلابه يتسابقون كي يحظوا بمجلس قريب من كرسيه للتعلم منه و سماع العربية الفصيحة في التفاسير على لسانه.

كان الشيخ رحمه الله ممن رفض بدعة تكفير الحكام المسلمين و الخروج عليهم كما أن له موقف صارم من الربا و التعاملات البنكية المشبوهة. للشيخ مجموعة كبيرة من المؤلفات أبرزها "منهاج المسلم" و"عقيدة المؤمن"

و"أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير" وغيرها الكثير.

رحم الله الشيخ ابوبكر الجزائري و اسكنه فسيح جناته. 

إنَّا لله و إنَّا إليه راجعون سيدفن الشيخ اليوم بعد صلاة الظهر في المسجد النبوي، رحمه الله و غفر له و جعله في عليين. 


آمال العرجان

الوفاء

قطاف الوفاء 

التقيت بوالدة زميلتي ثريا الرمضان في احد الدورات التدريبية ، سيدة لطيفة و معلمة بارعة ، التقيتها مرة اخرى بعد تقاعدها و دعتني للانضمام إلى المجموعات الأدبية و الاجتماعية الرائعة على تطبيق الوتس آب . و بشرتني في احد اللقاءات بعزمها على طرح كتابها الأول حول سيرتها و مسيرتها و بالفعل تم ذلك بعد جهد بذلته أ/ وفاء الرمضان ليخرج الكتاب بالصورة التي تتمناها.

قرأت بعض الصفحات على عجل و قلت لنفسي مسيرة علم و تعليم ، فصول و مدارس أنا في غنىً عنها ..! 

لكنني عدت للكتاب و لا أعلم لماذا ..! و دون مبالغة قرأت منه تسعين صفحة في ليلة واحدة ، التهمت فيها الصفحات دون أن اشعر بالوقت ..! الكتاب ممتع و الأحداث متلاحقة و تشعر حال القراءة ، أنك تحتاج إلى المزيد ، و هذا ما طلبته من المؤلفة أ/ وفاء الرمضان فيما بعد . 

في البداية تحدثت عن رحلة والديها إلى العراق و سوريا و أثناء وصفها للرحلة تلمس مقارنات بين حال المملكة العربية السعودية في تلك السنوات و بين حالها اليوم و المقارنة سارية على العراق و سوريا كذلك .. شعرت و أنا اقرأ بحقيقة أن الأيام دول ، و بكيت حينما وصفت سوريا و تطورها و الشقق السكنية فيها و التي لم تعرفها المملكة في ذلك الحين ..! فسبحان من له الدوام .. 

و في عجالة تحدثت عن دراستها و زواجها و رحلتها إلى الولايات المتحدة و محطات حياتها تباعاً ثم مسيرتها الوظيفية التعليمية التي فازت بالنصيب الأكبر من الكتاب . 

لو كنت في مكان أم أيمن ، لأخرجت من هذا الكتاب ، كتباً ثلاثة أحدها عن رحلة الاسرة للعراق و سوريا و لفصلت اكثر في الوصف و الأحداث . و الكتاب الثاني عن بعثة الولايات المتحدة و صراعها مع الظروف كي تحقق النجاح الذي وصلت إليه . و الثالث الذي كسب قلبها و كتابها و هو مسارها الوظيفي . 

فصلت الاستاذة وفاء في الحديث عن أسرة الرمضان الكريمة فذكرت شخصيات كثيرة بالاسم الكامل و الوصف و تمنيت لو كان هذا في كتاب مستقل ؛ فيأخذ كل ذي حقٍ حقه ، و يكون التركيز في كتابها على الأحداث اكثر كما يحول دون تشتت القارىء . 

قطاف من حياتي " اسم معبر عن محتوى الكتاب بجدارة ففيه قطاف من هنا و هناك ، فرح هنا و حزن هناك ، و جمال هنا و جمال هناك .   

أمال العرجان 

القرية


حتى لا تهلك القرية ..



شاهدت قبل سنوات تجربة اجرتها احدى القنوات المهتمة بالطبيعة و بسلوك الحيوانات ، كانت التجربة تقوم على مراقبة سلوك الفيلة الصغار بعد ابعاد الأمهات عنها و مرت الأيام الأولى بسلام ثم تحول سلوكهم تدريجياً إلى العنف و العدوان و تزايد الأمر لدرجة تدمير مساكن المزارعين و مهاجمتهم مما حدا بهم إلى العودة إلى الأحراش بحثاً عن الأمهات و الأباء طمعاً في عودة السلوك الطبيعي للصغار.

غياب الكبار في حياة الأبناء يعني غياب القدوات و هو أمر خطير ، يهدد بزوال القيم ، و تدمير المجتمعات . قد يرى البعض هذا الأمر مبالغٌ فيه لكن العكس صحيح فالقدوة لها شأن كبير في حياة الإنسان ، فتأثيرها يصل إلى تغيير الفطرة، كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ..! " و من هنا حرص الإسلام على وجود وصي لمن فقد والديه و حرصت الدولة على احتضان من لا أسرة له و توفير مناخ صحي يتأثر فيه الصغار و يؤثرون ..  

أحسنوا للقدوات حتى لا تهلك القرية ..! 

الفيصل 

إلا الفيصل ..! 



عندما كنت طالبة بالثانوية العامة و في أيام الاختبارات الوزارية ، اعتدت بعد الانتهاء من المادة ، على فتح الصفحة الأولى و قراءة اسماء المؤلفين ثم الدعاء لهم في سجود الشكر ، هذا اذا كانت المادة سهلة طبعاً أم إن كان المحتوى صعباً ، فلم يكن الوضع كذلك ..! 

وجود اسم المؤلف أو المراجع على الكتاب المدرسي ، يشعره بالمسؤولية التربوية و الاجتماعية على حد سواء؛ فهو حريص على صحة المادة العلمية من جهة و حريص على اسمه في المجتمع من جهة أخرى .. 

في السنوات الأخيرة توقفت الوزارة عن كتابة اسماء القائمين على وضع المناهج الدراسية و مراجعتها و استبدلت الأسماء الصريحة بعبارة " قام بالتأليف و المراجعة فريق من المختصين " من هم المختصين ؟ ما هي درجاتهم العلمية ؟ وظائفهم ؟ كل هذا في علم الله ثم الوزارة ..! و هذا التعتيم على الأسماء،يقلل من احساسهم بقيمة ما قدموه من إنجاز و العكس صحيح. كما يحرمنا من فرصة الدعاء لهم .. أو عليهم ..!  

الاكتشاف الذي توصل إليه أحد العاملين في الميدان من "الشكاؤون البكاؤون" ، يُعد كارثة تربوية بمعنى الكلمة و في حق من ..؟! في حق ملكٍ خدم الأمة العربية و الإسلامية ، و كانت أفعاله و أقواله بل وحتى نظراته، شواهد يُشار إليها إلى يومنا هذا.

لا يعنيني كمعلمة، هدف المصمم من إضافة شخصية سينمائية خيالية للجلوس بجانب الملك فيصل رحمه الله ، لكن يعنيني طلاب ينظرون إلى الكتاب و يتأثرون بمحتواه و الأغلب أن تأثير الصورة عليهم و نظرتهم للفيصل ستكون سلبية أو تهكمية لا محالة. 

اعتدنا من الوزارة المسارعة بتنفيذ العقوبات على من يخطىء في الميدان، و التنفيذ مباشر، و دون تشكيل لجان أو تقديم مهلة للاعتذار ، لكن من يخطىء من برجٍ عاجيٍ فوق الميدان، خطؤه مغفور و خطأ المعلم منشور ..!


كتبته بمرارة، أمال العرجان 

عامين

بعد عامين ...!



أقف حالياً على عتبة السنة الثالثة منذ التحاقي بسلك التعليم في المرحلة الابتدائية ، انقضى عامان بسرعة كالبرق ، أجلت خلالها كتابة هذا المقال كثيراً.. اكتشفت أموراً عديدة في أول يوم انتقلت فيه إلى المدرسة الجديدة ، بعد تجربة سنوات في المرحلة الثانوية تخللتها انتدابات للمرحلة المتوسطة و لمكاتب الإشراف ، أول الاكتشافات أن ابنتي التي تساعدني في تربية اخيها الصغير، لاتزال طفلة و أرى مثلها الكثيرات في المدرسة ممن لا يعتمدن على أنفسهن في إغلاق أزرار المريول فضلاً عن تربية طفل ..! 

في المرحلة الابتدائية كانت الصدمة في انعدام التخصص ، فلا مانع أبداً أن تكوني متخصصة لغة انجليزية و بقدرة قادر ، معلمةً للغة العربية الفصحى ، حتى و إن اخطأتِ في همزات الوصل و القطع أو أجبت الطالبات بـ (ok) و شجعتيهن بـ

(excellent)

فمع الأيام ستعتادين الأمر و حدث هذا بالفعل و لا أعلم ماذا اسمي هذه الظاهرة التي أصابتني ..؟ أهي تكيفٌ .. أم تبلدٌ .. أم فساد ..! 

في الابتدائي ، متعبٌ جداً أن تكون معلماً للصفوف الأولية لكن المريح فيه ، أنك صاحب الدار و الطالب ضيفٌ لديك يحافظ على نظافة المكان و إن كان مجبراً ، و كل ما حولك في الفصل مسخر لخدمتك و بالطبع سخرته قروشك باستثناء الجدران و السبورة و المقاعد فهي هبة من الوزارة أغناها الله فوق غناها ...! و حتى لا نظلم أنفسنا هناك تكييف معطل و نوافذ و .. و .. نعم ..نعم و الباب أيضاً من الوزارة أكرمها الله...! 

معلم الصفوف العليا، على النقيض تماماً هو الضيف على أصحاب الدار ، فترى أصناف التخريب ؛ فليس للفصول صاحب يحميها و يحرص عليها.. و هذا يعني أن يتنقل أمثالي و برفقتهم صندوق صغير نحمل فيه مع الكتب و الأدوات الأساسية الخاصة بنا أدوات أخرى ، و يسعدني تقديم نبذة عنها لكم ..! 

تحتوي حقيبتي الفصلية اليومية على علبة مناديل فقد تحتاج إليها أي طالبة ، و على مجموعة من الضمادات اللاصقة احتياطاً لأي إصابة سريعة قد تُبكي الطالبة و تضيع وقت الحصة و حلها سهلٌ بسيط ، ضمةٌ و ضمادة ..! من محتويات الحقيبة قارورتان للمياه واحدة لي و أخرى احتياطية لمن يريد ..و علبة كاملة من الأقلام لمن ينسى ..! و هدايا لمن يجيب ..! و دفترٌ نظيف الصفحات للتوزيع على أولئك الناسين دفاترهم و كتبهم دائماً..! و مع هذا افتقد أحياناً وصلة جهاز العرض أو مكبرة الصوت أو أقلام السبورة أو مجموعة الاستراتيجيات و القوانين الصفية أو أي شيء أخر من محتويات بيتي .. عذراً محتويات حقيبتي... و لا أعلم هل اسمي هذا ، نسيان .. أم زهايمر مبكّر .. أم فساد ..! 

بعد عامين في المرحلة الابتدائية شاهدتُ الشيب في شعري ...!

بعد عامين تعلمت الصبر أكثر مما تعلمته في رحلة الغربة على خط سلوى ..! 

بعد عامين تعلقت بأطفالي و تعلمت كيفية التعامل معهم أكثر مما تعلمته من الكتب و اكثر حتى من تجاربي مع ابنائي الأكبر سناً ..! فأصبحت أكثر تفهماً .. و كيف لا اتحملهم و أنا أتقبل من أطفالٍ غرباء ما لا يمكن قبوله ..! و لا أعلم هل اسمي هذا نضجاً .. أم تعوداً .. أم فساداً ..! 

أكبر درس تعلمته بعد السنتين أن كل طالب يمكنه النجاح و أن الفشل لا يعني درجة على سلم النجاح كما درسنا و قرأنا ، بل يعني إخفاق يؤثر على مشاعر الطالبة و لابد من إلغائه تماماً ، و البديل إعادة تتلوها إعادة تتلوها إعادات حتى ترسخ المهارة في ذهن المعلمة .. عذراً في ذهن الطالبة ..! و هنا و هنا فقط ، أنا على يقين أن هذا لا يطلق عليه فساد و لا حتى تطوير.. بل هو تقويمٌ مستمر ..! 


كتبته من منزلي : 

أمال العرجان 

امي

أمــي ❤️


حين تصادف عائقاً معلوماتياً أثناء الكتابة ، يمكنك بكل سهولة أن تتصفح العم قوقل ليقدم لك الحقائق و الشائعات و الأكاذيب أيضاً عن أي موضوع، لكن حين لا يملك قوقل هذه المعلومات ، بل و حين تكون هذه المعلومات تملأ عليك قلبك و عقلك و تسمو بها روحك ، و مع هذا الزخم المعرفي بموضوع الكتابة تقف حائراً أمام الكلمات ... ماذا أكتب عن أمــي و ماذا أقول ..؟! 

هل اتحدث عن التضحيات أم عن جهد السنوات .. عرفتُ أمــي طاهرة و عرّفتها صديقاتها في قوائمهن بالصابرة ..! 

في ظلمة الليل تطلب مني عتق الكتب .. و أنا طَمَعي في رفع رأسها بأعلى الرتب ، و يغلب قليل علمها كثير علمي فتقول : يرفع رأسي ما أنت عليه من أدب ..! 

أمــي قارئة القرآن .. أمــي داعيةُ الرحمن .. في الغرق كانت لي الضفة ... و منها عرفتُ معنى العفة .. حديثي قاصر ركيك ، فأمي عظيمةٌ اسمها .. طرفة ..! 

الشتاء 

الشتاء يرحم الفاسدين ...! 

هاهو الشتاء على وشك الرحيل ، يبحث عن مفقوداته هنا و هناك قبل أن يحزم حقائبه.

في كل عام كان يحمل معه صوراً لشوارع غارقة و عقودٍ فاسدة مفسدة و يبدو أنه ارتأى تخفيف الحمل عنه و عنهم؛ فلم نرى غيثاً و لا حتى مطراً ...! و كأني به ينتظر منهم إصلاح ما أفسدوه و يعطيهم الفرصة تلو الأخرى لتدارك الأخطاء .

الشعور بأن هناك غضبٌ في السماء شعور مؤلم ..! و الأكثر إيلاماً أن دليل الغضب واضح و مع هذا نزداد فيما نحن فيه أياً كان ..! و نكتفي من الشعور بالذنب بدعواتٍ بدعية إلى استغفار جماعي في ساعةٍ محددة أو دعواتٍ لطلب السقيا و نحن غارقون في النعم لاهون عن ربها..! 

اللهم لا تحرمنا بذنوبنا فضلك و اغفر لنا و تجاوز عنا و أنت ارحم الراحمين ...💖 

امال عيسى 

سنة كبيسة 

سنةٌ كبيسة..!



وَيْل للعرب 

من معلم اغترب..! 

 فعله قليل

و قوله كثير

و على التعاميم يصبُ الغضب..! 


شكاءٌ بكاءٌ عليل 

تطلبه درساً و يتقن التأجيل 

و مع الطلاب يفتقر الأدب..!

الاضطراري لا يكفيه 

و المرضِيُ ضيقنا عليه ..! 


ألا أيتها الوزارة 

من ولينا فليحسن الإمارة 

انتهت طاقتنا و الصبر نضب..

و ابتلينا بقولون و مرارة..!

  

على أيدينا تزينت المدارس 

نشرح و ننظف 

و في آخر اليوم حارس 

فهذا طفلٌ لا تنساه 

و هذا مراهق قد هرب..!

 

و براتبٍ (ماعاش) نصرف 

على الحبر و الأوراق نغرف 

و السر الخطير (نت ) المدرسة 

فلا تقربه و لا تعرفه و لا تلمسه 

فأنت لاهٍ كثير الصخب..!


و اخيراً اقتربت الإجازة 

فلا هم و لا كدر أو سيادة 

 سنةٌ كبيسة (ملاها) التعب 

لا لا انتظروا فأنتم لا تستحقون الإشادة 

و لا حتى قليل من زيادة..!

 

في الدوام هرمنا 

و على مشاكله تعوّدنا

لكن الجديد بلا إفادة ..

استفزاز من الكبار 

في وضح النهار 

لهذا المعلم المنهار

فتجمع قلٍ و غمٌ و وصب! 

 

 احفظ يا تاريخ للتعليم عهداً 

أوله لجانٌ.. 

و أوسطه نشاطٌ 

و أخره جرب..!   


كتبته: أمال العرجان 


https://www.hasanews.com/?p=6507324




الجوهرة 

الجوهرة 


في الصف الأول الثانوي كان عدد طالبات مدرستنا بالمئات و الفصول تصل إلى أولى عاشر ..! و لكم أن تتخيلوا كم الهرج و المرج لأجل الاصطفاف في الطابور، لكن كانت هناك خطوات بمجرد اقترابها نشعر بالرهبة و الهيبة و ننتظم في ثوانٍ معدودات ..! كانت صاحبتها مديرتنا الأستاذة الفاضلة الجوهرة الجبر متعها الله بالصحة و العافية. 

مع الأيام و المواقف عرفت أن هذه القامة المهيبة تحمل في قلبها حناناً و عطفاً يسع الكون من أقصاه إلى أقصاه. و كان ذلك بداية عهدي بأسرة الجبر الكريمة. 

هذه الأسرة ليست الأغنى في المملكة، و ربما ليست كذلك في الأحساء أيضاً .. لكنها أسرةً أحبت الوطن و عشقت منه أرض النخيل و واحة الخير، فسكبت من الخير و قدمت لأهل هذا البلد ما لم يقدمه أحد..! و والله إنها كسبت مقابل ذلك الكثير و الكثير ، فرسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : "اللهم أَعْط منفقاً خلفاً و أَعْط ممسكاً تلفاً. " فكان عطاء الرحمن لهم سعة في الرزق و قبولاً في الأرض و محبةً في قلوب أهل المملكة كلها، فما قدموه وصل صيته للعالم أجمع ، و لن أقول و ختامه مجمعي المدارس -المدشنة حديثاً من صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف حفظه الله - لأن هؤلاء الكرام لا يكتفون من الجود أبداً، فهم ينجزون مشروعاً هنا و في قلوبهم مشروعٌ هناك ..! 

عبارات الشكر لا تكفيهم و لا نملك إلا الدعاء لهم بالصحة و العافية و طول العمر في طاعة الله و أن يغفر لسابقيهم و لاحقيهم بقول الرحمن " و كان أبوهما صالحاً" .. و سبحان من جعل لهم " الجبر" اسماً و لقباً فتطابق الرسم و المعنى .. أدامكم الله جابرين للعثرات و سنداً في الملمات و علماً لا يُنكس على مر السنوات. و صادق دعواتي لجميع مناطق المملكة بجابرين يشبهون الجبر ... و لجميع المدارس بقائدةٍ كجوهرتهم ..! 


من القلب .. آمال العرجان 


http://www.hasanews.com/6510811.html?mobile=1