آمال العرجان و حلمها الوردي في مقال
" دعني...! "
جلست مع بنياتي قبل مدة و تحدثت معهن عن الجنة و نعيمها و جمال قصورها، ثم طلبت منهن أن نقرأ سورة الإخلاص عشر مرات ؛ كي نبني لنا بيتاً في الجنة ..! فباغتتني الصغرى بسؤال لم أجد له جواباً: و بيتنا الآن كيف نبنيه ..؟!
طفلتي رغم سنواتها الخمس تعلم أننا نسكن في شقةٍ مستأجرة ، تتراص فيها أرواحنا و أجسادنا أيضاً، فالغرفة المستقلة حلمٌ للمراهق و المكتبة العامرة حلمي أنا و الحديقة حلم صغاري جميعاً و أما رب أسرتنا فحلمه ثقيل كحمله، حلمه أن تنتهي سنوات الاستئجار.
إن السكن أول ما يسعى إليه الإنسان أينما حل أو ارتحل، و لأهمية هذه الكلمة و قيمتها العظمى في حياة الإنسان و استقراره جعلها الله تعالى وصفاً للعلاقة بين الزوجين، بل و جعلها الوصف الأول في تلك الرابطة الثلاثية و قدمها على المودة و الرحمة.
و منذ أن هبط ادم و ذريته الأرض ، و هو يتقلب في المساكن مابين كهفٍ و شجرة ، ثم تطور شيئاً فشيئاً حتى توصل إلى الشكل الذي يلبي حاجاته، و حولَ كل هذه الأشكال كان الإنسان و لايزال، حريصاً على امتلاك مسكنه سواءً بوضع اليد أو بالحروب و الإبادة كما حدث عند اكتشاف القارات الجديدة.
و لأننا في دولة شرع و تشريع و تحكمنا القوانين، فليس أمامنا إلا الطريقة السلمية، بتملك المنازل بيعاً و شراءاً، و بالطبع تخضع هذه الطريقة لجشع فئة من المجتمع لم و لن تغلو على قلوبنا و طغت في الغلو على جيوبنا من تجار التراب..! فتمادى الحلمُ في الابتعاد عن الواقع…. ثم تأتي الدولة مشكورةً بالحلول الحاسمة ، فتضع رسوماً على الأراضي البيضاء، و السعي حثيثٌ حالياً؛ لاستكمال المساكن و تقديمها إلى من يستحق. رافقت تلك الجهود ، تصريحات من القيادة العليا بأن توفير السكن الملائم للمواطن، هو أحد الأولويات التي تدعمها الدولة. فأقترب الحلم أكثر و هاهو الفجر يلوح، فالليل الطويل سينقضي و يعقبه صباح تتحقق فيه كل أحلام السنوات الماضية . لكن فجأة و دون مقدمات يظهر لنا بين احلامنا الوردية لونٌ قاتمٌ يكتب عبارة يصادر فيها كل شيء.. لقد صادر الغرف المستقلة و المكتبة و المطبخ الكبير و حتى حديقة الأطفال، لقد كتب على الحلم بخطه العريض غير الجميل، مغلق لعدم الأهلية ..!
إن عبارة كـ” السكن ليس حقٌ للمواطن ” مع انعدام قيمتها التنفيذية إلا أنها حربٌ نفسية ، فتت في عضد المواطن و استهلكت من نفسه كماً من المشاعر السلبية ، التي هو و الدولة في غنىً عنها. و الأنكى أن هذه العبارة جاءت بعد فترة بسيطة من الإعلان عن رؤيةٍ جمعت المواطن بالقيادة و وحدت احلامهم ، بل و نصت الرؤية الطموحة على دعم المواطن من محدودي الدخل.
يظن هؤلاء ممن يسطحون هموم المواطن العادي أو يحصرونها في ” الفكر ” ، أنهم ينفعون الدولة و يوفرون لها ، وهم والله يضرونها و لا نعلم إن كان هذا الضرر من حيث يعلمون أو لا يعلمون ..! لكننا نعلم يقيناً أن رُب كلمة قالت لصاحبها دعني ..! فـ” الدلع ” كسّر قصراً …. و ” شمسن شارقة” ضيّعت منصباً و كم ..و كم من كلماتٍ لم يلق لها المسؤول بالاً و كانت عليه وبالاً.
المواطن المسكين لا ينظر إليك و لا إلى ما تملك لعلمه بأنها أرزاق مقسمة بين العباد، لكن إياك .. إياك ..أن تصادر أحلامه.
- See more at: http://www.hasanews.com/6364859.html#sthash.I4vCDTkJ.dpuf
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق