السبيكة الذهبية
كنا صغاراً، نحب برامج المسابقات بل نعشقها، فتابعنا برنامج "تلي متش" الأوربي ثم برنامج " الحصن " الياباني و بين هذا و ذاك ظهر برنامج "حروف" الثقافي على القناة السعودية و تميزت به شاشتها في شهر رمضان المبارك، و اتذكر انقسامنا مع اخوتي لفريقين ، الأخضر و الأحمر و كانت أمي متعها الله بالصحة و العافية تتعجلنا لقلي "السمبوسة" و نحن نصر على مواصلة البرنامج حتى يحصل المشارك على السبيكة الذهبية. برفقة كل هذه الأجواء، كان الصوت الشجي ذو اللسان الفصيح يتردد في أرجاء المنزل، و لم تطلب جدتي رحمها الله منا خفض الصوت كعادتها، ربما لأنه ذات الصوت الذي يسعدها بابتهلاته و أدعيته عقب كل آذان....! مع هذا الصوت العالي، ارتفع مستوى ثقافتنا و حماسنا عند معرفة الإجابات الصحيحة قبل المشتركين..! مع هذا الصوت التقطنا حبات التمر لنفطر، مع هذا الصوت يختم الكبار يومهم بسماع أخبار العالم من تلك الحنجرة الذهبية ، مع هذا الصوت كان الشباب يسرعون للحاق بالصلاة فبين الآذان و الإقامة كان هناك صوت رخيم ..! إنه صوت ماجد ..!
سمعت البارحة خبر رحيل صاحب الصوت الجميل و تداعت مع الخبر كل الذكريات الجميلة. و فاجأتني عيناي بدموع لم أتوقع نزولها، لكن ماجد الشخصية ، محمد الاسم جعل العبرات تختنق في حناجرنا.
هل الحزن على ماجد ..؟ أم على زمن مضى لم يبق منه إلا صوت ماجد..؟! أما عن نفسي ..فنعم حزني على المجدين عظيم ؛ فلا الزمن هو الزمن و لا الإعلام هو الإعلام ..! كانت لغته العربية- رحمه الله- غاية في الفصاحة ، يتحدث ارتجالاً فلا تسمع خللاً في أي حرف. و لم تكن لغته متعجرفة متكبرة على العامة كما يفعل البعض ، بل على النقيض كانت لغة سهلة يفهمها المثقف و البسيط.
بعد قليل سيواري الثرى تلك الابتسامة ، سيدفن الجسد ، لكن سيبقى الذكر العطر بيننا شاهداً على زمن جميل بمافيه و من فيه .
اللهم ارحم عبدك ماجد الشبل و ثبته عند السؤال، اللهم يسر حسابه و يمن كتابه ، و اسكنه فسيح جناتك و اجعل اللهم ما اصابه من نصب و وصب رفعة عندك و اشمل بدعائي شقيقتي و والدي و كل غالي فقدناه...آمين . ...آمال العرجان
أصبتي، فقد افتقدناه قبل أن نفتقد البرنامج، وها نحن نعاني من إعلام اليوم
ردحذف