الاثنين، 10 يوليو 2017

أصحاب الفيل 

أصحاب الفيل 


في التسعينات الميلادية قرأت عرضياً مسرحية للكاتب السوري سعدالله ونوس ، كان النص العبقري عبارة عن قصة قصيرة لقرية يتولاها حاكم ، مر به خاطر أن يتبنى حيواناً أليفاً و لم يجد ألطف من الفيل . و بالفعل أحضر الفيل إلى القرية و بدأ هذا يعيث فيها لعباً و لهواً و تدميراً، فالبيوت الضعيفة تهاوت على رؤوس أصحابها و الباعة في السوق تلفت بضائعهم . و لما طال بالمساكين الحال ، دعاهم زكريا و هو بطل المسرحية إلى الشكوى للحاكم عله يخلصهم مما هم فيه . حل اليوم المنتظر و زكريا في جهاد لصياغة الكلام و تدريب الناس عليه فلكل مقام مقال و الوقوف بين يدي الحاكم يحتاج منهم إلى لباقة و حسن منطق . اجتمع عدد كبير في مركز القرية و بدأوا السير يتقدمهم زكريا و شيئاً فشيئاً و مع الاقتراب من القصر بدأ العدد يتناقص فتحول المئات إلى عشرات ثم وجد زكريا نفسه وحيداً أمام قصر الحاكم و قد اسقط في يده فما العمل لقد وصل و انتهى الأمر ..! دخل زكريا على الملك و اخبره بأنه جاء في أمر جلل يخص الفيل و أهل القرية ، اعتدل الحاكم في جلسته و بدا عليه الاهتمام ، صمت زكريا لبرهة ثم قال : سيدي الحاكم إن الفيل لطيفٌ جداً لكنه وحيد هنا و اقترح عليك أن تحضر له زوجة تؤنسه و تنجب له ذرية تدخل السرور على قلبه ..! فرح الحاكم باقتراح زكريا و كرمه و جعله للفيل مرافقاً و عن العروس باحثاً..! انتهت الحكاية هنا و تركها ونوس رحمه الله بلا ختام . تذكرت القصة و أنا انظر إلى برامج و مشاريع تعاظمت و توالدت و لم تجد من يوقفها أو يحد من تكاثرها و السبب إهمال التغذية الراجعة التي ترد من المستفيد أحياناً أو عدم ورودها من الأساس . فلا المستفيد يدلي برأيه و لا صاحب الشأن يطلبه ..! رغم أن الجودة التي يتشدق بها الجميع قائمة على رضى المستفيدين ..! قبل سنوات كتبت مقالاً حول أحد الظواهر التي استشرت في المجتمع التربوي و بعد النشر وجدت قيادات تشكرني و تطلب مني مواصلة النقد أو كما قالت لي إحداهن ” اجلديهم” و بالمقابل كنت زكريا و دعوتها مع البقية لتحويل هذا المقال إلى خطاب و يُرسل إلى من يهمه الأمر ؛ حتى يتحول النقد إلى خطوات تصحيحية و ليس بالضرورة إلغاءً لكامل البرنامج، رحبن بالفكرة ، تواصلت مع المسؤولة و يشهد الله انها تجاوبت و قدمت لي بريدها كي أرسل اقتراحاتي و عندما انهيت الخطاب طلبت من ” المعززات” أن أذيل الخطاب بأسمهن و بأسمي ، إلى ساعة كتابة هذا المقال لم يصلني الرد ، بل إن إحداهن حظرتني من الوتس آب تماماً . أرسلت الخطاب كما هو و لم أطالب بتزويج الفيل لكن المقترح كان هشاً ضعيفاً ، فالمؤيدين الذين ذكرتهم في حديثي ، لا وجود لهم على أرض الخطاب ..! في نهاية معظم المشاريع و البرامج يطلب المنفذون رأي الجمهور و للأسف يأتي مصحوباً بكم من المجاملات و في خانة المقترحات : لم ينجح أحد ، فربما يغضب هذا أو ذاك من نقدي أو اقتراحي و أنا في غنىً عن ذلك ، ثم نحن لن نصلح الكون ..! و هكذا تربع فيل تلو آخر بيننا و يبدو أن نسلهم مستمر ..! 


آمال العرجان - See more at: http://www.hasanews.com/6428909.html#sthash.3Mktqb26.dpuf

شعب الله المختار

 

قبل اربع سنوات تقريباً ، حضرت إلى منزلي عاملة إِفريقية من اثيوبيا تحديداً. و رغم كل ما سمعته عنهم من وحشية و قسوة إلا أنني تغلبت على مخاوفي و وضعت يدي على جبهتها الموشومة بالصليب ، كأنني البسها الحجاب و تمتمت بالدعاء المأثور. للمرة الأولى أتعرف على شخصية أفريقية بغض النظر عن الشخصيات المصرية فمصر أم الدنيا و ليست أفريقية فقط. ..! المهم أنها كانت شخصية عجيبة لم تتعرف على أي شيء في المنزل لدرجة أنها في الصباح الأول بيننا لم تعرف كيفية فتح الباب لتخرج من غرفتها ، فمقبض الباب ابداع و حنفية الماء اختراع عجيب غريب في نظراتها الغائرة بين عظام وجهها الأسمر الهزيل. و مع هذا كانت تصرفاتها تجاه الطعام خاصة بعيدة عن حالها ، فعملية كالأكل كانت تأخذ منها وقتاً طويلاً ، تأكل بهدوء و لا تشرب واقفة أبداً ..! كانت أشبه بالسيدات اللاتي قرأت عنهن في الروايات الانجليزية التي درستها ...! من أين و كيف اكتسبت هذا لا أعلم ..!

بالأمس شاهدت كغيري المقطع المتداول لنساء يتدافعن أو لنقل يتقاتلن لأجل الحصول على بعض القطع المخفضة في أحد محلات البيع بالتجزئة ، المنظر كان بشعاً مقززاً مخيفاً فإذا كان هذا الحال و البضاعة مدفوعة فكيف سيكون الأمر إن كانت مجانية ..! لم اسمع تعليقاً من أحد على أين و من و متى كان الأمر .. كل التعليق كان على سلوك انساني بغيض نتقاتل فيه كبشر على حطام زائل و عندما أقول حطاماً فأنا أعني ذلك حرفياً ..!

نحن جميعاً و دون استثناء نغوص في بحر من التصرفات المتناقضة لكل منا مزايا و عيوب ، فطاغية كفرعون كان فيه من الخير القليل الذي جعله يستقبل موسى و يتبناه في بيته و نبي كيونس ترك قومه دون أن يأذن الله له فلا كامل في البشر و لا معصوم منهم إلا من حكم الله له بذلك. و يتكبر منا من تكبر ليعلن على الملأ أن كل سيدة ظهرت في ذاك المقطع لا تمت لنا و لا لمجتمعنا المقدس بصلة....! فليس كل من ارتدت العباءة سعودية ....! و إذا افترضنا أن هذا الأمر صحيح ، فكيف نفسر للعالم ما حدث قبل أشهر قليلة في إحدى مراكز بيع المواد الغذائية حين تم الإعلان عن تخفيضات وهمية تسابق عليها الأغنياء قبل الفقراء و شاهدناهم يتقاتلون و أطباق البيض مكسرةً تحت أقدامهم ...! هل تجمع الأفارقة أيضاً و لبسوا الثياب البيضاء و الأشمغة الحمراء و تقاتلوا على صابون الثياب و على الأرز طويل الحبة و على اجهزة التلفاز و على و على .. القائمة طويلة.... أم ربما كانوا من شرق اسيا او من الدول المجاورة فبشرتهم مقاربة لنا و ملامحهم شديدة الشبه بِنَا ....! لكنهم لا و لم و لن يكونوا سعوديين أبداً فنحن شعب الله المختار، الشديد التدين و التهذيب و البالغ الحد الأقصى في الالتزام بفنون الذوق و آداب الاتيكيت ، مجتمعنا كامل و نحن معصومون و كل تشويه أو فساد يُكتشف فيه هو أمر دخيل أو مؤامرة تُحاك خيوطها أو جماعة أفريقية اضناها الفقر الذي أضنى عاملتي ...! 

لنفتح بصيرتنا على المشكلة الحقيقية ، بدلاً من إلقاء اللوم على الأخرين ..! لقد اصبح المجتمع و أنا واحدةٌ منه ، يعاني من حمى الاستهلاك و التي أجزم أنها جاوزت الأربعين درجة بمراحل .. ما شاهدناه و سنشاهده بعد أيام في تخفيضات رمضان ينذر بوصولنا للغليان ..! نحتاج إلى تنمية ثقافة التدبير و التوفير و الاستهلاك الصحيح المقنن مع عدم الانسياق لكل لوحة حمراء تلوح في الأفق بين حين و آخر؛ نحن بحاجة ماسة لذلك لأن في كل مكان هناك بيع و شراء ، في المراكز الكبرى و الصغرى و في البيوت بل و وصل الأمر للمدارس و مع هذا نقف عند كل مناسبة أمام كم هائل من الثياب لنقول ماذا سأرتدي الليلة ...؟! 


آمال العرجان 



https://www.hasanews.com/6436464.html?mobile=1

القطار السريع 

القطار السريع ...!



قبل عام من الآن ، مررت بتجربة أثناء المناوبة المدرسية ، وقت الفسحة ، فقد جاءت إلىّ احدى الصغيرات و تعلقت بي ثم جاءت اخرى و هكذا و للخروج من الازدحام طلبت منهم بالإشارة فقط الاصطفاف خلفي لنلعب " القطار السريع" كان العدد بسيطاً و خرجنا إلى الساحة ثم بدأ القطار يتضاعف طولاً ..! و كانت مفاجأة بحق ، حين رأيت الصف المشوه خلفي ، يصل إلى اكثر من ١٥٠ طالبة من كافة الصفوف من أصل ٢٤٠ طالبة ، مجموع طالبات المدرسة. كنّا جميعاً في حالة نفسية غريبة اختلطت مشاعرنا بين ضحك و صراخ و عنف أحياناً بسبب "من يمسك مقدمة القطار" ..!  

ما حصل في المدرسة يومها ، كان شكلاً من أشكال السلوك الجمعي الذي ينشأ تلقائياً دون تخطيط مسبق و هو غالباً سلوك لا تحده ضوابط و لا يمكن التنبوء به أو السيطرة عليه و قد يُوجه هذا السلوك من قبل آخرين لتحقيق نتائج معينة ربما لا يعلم الحشد نفسه عنها شيئاً ... و هذا ما حدث حين تحولت لعبتنا بقدرة قادر إلى تفعيل لأسبوع المشي الذي طالبتنا به الإدارة ...! و مع أن هذه النتيجة تحديداً إيجابية ، إلا أن الغالب على نتائج السلوك الجمعي ، أنها كارثية . فينبأنا التاريخ عن ثورات و جرائم حدثت بسبب سلوك القطيع كما يسميه علماء النفس ، مع أنني أفضل تسميته سلوك السرب ... فالكل حيوانات لكن السرب أخف وطأة من القطيع ..! و كذلك تحدث عنه المصطفى صلى الله عليه و سلم حين قال : 

( لا يدري القاتل فيما قَتَل و لا المقتول فيما قُتِل ..!) 

المخيف في السلوك الجمعي ، ظهوره في مراحل مبكرة من حياة الإنسان ففي قطار مدرستي كانت أكبر الفتيات سناً ذات اثني عشر ربيعاً و الباقي اصغر و اصغر حتى سن الخمس سنوات، و هذا العمر مطابق تماماً لعمر ذاك السرب من الصبية الذين مزقوا كتبهم تباعاً على مرأى و مسمع من العالم و راح ضحيتهم مئات بل ربما ألاف الأوراق و راحت معها، همة قائد خسرته الوزارة و كسبه التعليم. 

مع التمدد الهائل لوسائل التواصل لم يعد للسلوك الجمعي مكان ثابت ، كالموقع الذي حشد فيه قوم ابراهيم النار ليحرقوه أو كميدان التحرير في مصر الذي تزعمت سلوك القطيع فيه هدى شعراوي بداية و لم تكن النهاية عند ٢٥ يناير ..! فاصبح السلوك الجمعي قابل للاستثارة في كل زمان و مكان و يجمع أناساً يستحيل اجتماعهم إلا في العالم الافتراضي و هذا ما يجعله اليوم أشد خطورة من نار ابراهيم ..! 

 يكفي لجمع الحشد ( #هاشتاق ) وسم على تويتر او انستغرام ..! ففي دقائق معدودة تستطيع حصد ألاف المؤيدين و قد يكون من بينهم مخالف لكنه لن يجرؤ على مخالفة الجمهور صراحة ، فقد يكتفي بالمشاهدة فقط و انتظار النتائج .. و قد يضطر البعض إلى فصل موظف أو التخلي عن رأي صائب خوفاً من ردة فعل السرب ..! 

في السلوك الجمعي يتحرك الجمهور معاً أو لنقل يتصرف معاً بروح واحدة تشكلها مجموعة من المشاعر النفسية المكبوتة أو المواقف غير المنتهية في العقل اللاواعي. 

في مجتمعنا ظهر هذا السلوك بصورٍ شتى و كان ميدانه التحريري ، ساحة تويتر ..! عرفنا من خلال هذا السلوك الانقيادي أننا مجتمع إنسانية و تكاتف حين تجمعنا و دفعنا و تصدقنا بل و منا من حج و اعتمر عن طفلة مصابة بالسرطان اسمها سارة ابراهيم، اتضح بعد حين انها ستارة للنصب و الاحتيال ، و هذا امر إيجابي نوعاً ما لكن هذا السلوك الجمعي نفسه حمل البعض على نقل صورة سلبية عن شبابنا و أننا شعب أقصى همومه جمال ايفانكا ترامب و فستانها مع أن البلد استضافت قبل سنوات من هو أكثر منها حكمة و ذكاء، ميشيل أوباما ، و استضافت قبل عقود من هو أكثر منها أناقة حينها، الليدي ديانا سبنسر ..!   

لكل ما سبق ينبغي علينا النظر في علم نفس الحشود و هذا المقال دعوة، لدراسة السلوك الجمعي بتويتر إن لم يتناوله أحد حتى الآن أو لتطبيق توصيات الدراسة إن كانت موجودة . 

و لكل ما سبق أيضاً ، يجب على عقلاء المجتمع إعادة توجيه السرب و تصحيح مسار القطار ، فليست كل النتائج مشروعاً لتدوير الورق أو بناء مسجد ليهودية ..! 

تذكرتُ أمراً مهما ، الجيد بشأن هذا الموضوع أن هذا السلوك كفقاعة الصابون مهما كبرت ، تتلاشى بسرعة .. تماماً كقطار مدرستي السريع الذي توقفت عجلاته مع انطلاق جرس الحصة الرابعة ...! 



دمتم بخير ... آمال العرجان  


https://www.hasanews.com/6440275.html?mobile=1

عافية 

عافية 



هذا ليس اسماً لأحد الزيوت المنتشرة في محلات المواد الغذائية بل هو اسم لأحد أشهر القضاة في الدولة العباسية و هو عافية بن يزيد بن قيس الأودي . 

 مما قرأت في سيرته موقف له مع هارون الرشيد ، فكما رُوِي ، أن الوشاة حاولوا الايقاع بينه و بين الرشيد و وصفوه بالتساهل في القضاء بين المتخاصمين ، فطلبه الرشيد للتحقق من الأمر و بينما هو بين يدي الرشيد و التحقيق قائم بين سؤال و جواب إذ عطس الرشيد فشمته كل من في المجلس ( قالوا له يرحمك الله ) إلا القاضي عافية ..! تعجب الرشيد من أمره و سأله لم لم تشمتني كباقي الحضور فقال له عافية :- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ''إذا عطس أحدكم فليقل الحمد لله·· فإذا قال الحمد لله فليقل له أخوه أو صاحبه يرحمك الله·· وليقل هو يهديكم الله ويصلح بالكم''، وأنت قد عطست فلم تحمد الله! فأطرق الرشيد برهة مفكراً·· ثم قال له: اذهب الى عملك راشداً فوالله من لم يتساهل في تشميت عاطس و هو الخليفة فلن يتساهل في امر المسلمين، ثم رده الى مقر عمله رداً جميلاً·· ثم صرف الشاكين مطرودين·

سير السلف فيها من الجمال شيء كثير لا تحرموا انفسكم .❤️🌹

امال

رفيقة القرآن ... المطوعة أم عبدالرحمن 

رفيقة القرآن ... المطوعة أم عبدالرحمن 




كتبت عن جدتي لأبي عايشة العرجان رحمها الله تعالى و اسكنها فسيح جناته؛ لأنني عشت معها طفولتي و صباي حتى تزوجت لكنني لم احدثكم عن جدتي لوالدتي ..! ربما لأنني أراها مرة في الأسبوع فقط و ربما لأنها كانت دوماً مشغولة..! 

جدتي السيدة منيرة بنت محمد السويلم ، كانت رحمها الله طويلة القامة نحيفة سمراء البشرة هادئة الطباع، تزوجت صغيرة من محمد بن علي بوخوة و أنجبت منه عبدالرحمن و فاطمة. لم تذكره يوماً بسوء دوماً تترحم عليه و من لطائف سيرتها معه تقول رحمها الله : في زمن القلة و الحاجة كنّا على الغداء و هو يأكل و يضع بجانبي قطع اللحم الطري لأكل معه لكنني كنت أنحيها جانباً و أكل الأرز فقط ، لاحظ تكرار ذلك فسألني عن الأمر فقلت له : ارفعه لأمي ..! فقال لها رحمه الله كلي و لعمتي رزقها ، فكان يومياً يطلب منها أن تحسب حساب والدتها في (الإيدام ) توفي عنها و هي صغيرة فتزوجت من جدي محمد بن أحمد السويلم و أنجبت منه صالح و طرفة (والدتي) و سارة و كان معه رحمه الله بناته من زوجته المتوفاة منيرة و عائشة . في اجتماعاتنا الأسبوعية كانت تجلس صامتة و مصحفها بين يديها و اذا تحدثت قالت دعوا الناس و شأنهم ..!  

لماذا كانت مشغولة ..؟! كان لقبها " المطوعة أم عبدالرحمن " و لم يأتِ اللقب من فراغ فقد كانت محفظة ، معلمة للقرآن لبنات عدد من الأسر المعروفة في الاحساء كأسرة العبدالقادر و غيرها. من عجيب ما رأيته في جدتي رحمها الله أنها تعلمت القرآن على يد احدى السيدات الأميات كشأن الجميع في سنها لكنها تعلمت القراءة بنفس الوقت الذي تعلمت فيه القرآن ، و قالت لي عن ذلك ، حروف القرآن هي حروف العربية لا فرق من يستطيع قراءة القرآن يستطيع قراءة أي شي ...! و والله الذي لا إله إلا هو أنني أحياناً أأخذ الكتاب من بين يديها و اقول لها جدتي مقلوب كانت تضحك و تقول ( اعرف اقراه و هو مقلوب ) طبعاً أنا لا اتحدث عن كتيبات صغيرة أو مكتبة بسيطة أنا اتحدث عن مكتبة عامرة كانت رحمها الله تقرأ في رياض الصالحين و الكبائر، تفسير الجلالين ، ابن كثير و حبيبها كتاب زاد المعاد و كتب كتب لا حصر لها كلها في الدين و العقيدة و سير السلف و الله كأن مكتبتها الصغيرة الحجم العظيمة المحتوى أراها امام عيني الآن ..! 

المصحف رفيقها الدائم، دائما في يدها تتناوب صفحاته على أصابعها مع مسباح تقلبه لتذكر الله، حتى اذا خرجت كانت تحمل حقيبة كبيرة نوعاً ما تضع فيها مصحفها المكتوب بالرسم الفارسي و مصحف الختمة المقسم إلى اجزاء و علبة او اثنتين من الماء ، فقد كانت تقرأ و تنفث في علب الماء و توزع على كل مريض ..! مع هذا كانت سمحة لم تصرخ فينا يوماً كانت تدعونا للصلاة بقول هادىء و بفعل مستمر فهي إما ساجدة أو راكعة هكذا أتذكرها. و ظلت رحمها الله تصلي و هي واقفة رغم مرض القلب الذي انتابها في آخر أيامها و لم تجلس للصلاة إلا في أيامها الأخيرة على سرير العناية المركزة في مستشفى جلوي حيث توفيت رحمها الله في شهر رمضان. في تلك الفترة رافقتها والدتي في المستشفى و عندما تحضر كانت تخبرني بأمور عنها لم افهمها جيداً حينها.. كانت الغيبوبة تعاودها بين حين و آخر فإذا انتبهت توضأت و صلت و بدأت تسبح بيديها مع ما فيهما من مغذيات و أسلاك للأجهزة و اثناء غيبوبتها كانت تقول لأمي : احضري المصحف لم اقرأ القرآن اليوم و ترد عليها امي : انت في المستشفى مصحفك ليس هنا و كان ردها رحمها الله : هذا هو مصحفي أمامك ألا ترينه اعطيني إياه اعطيني إياه ..! كانت تراه و نحن لا نراه ..! 

و حدث و هي في الغيبوبة أن قالت لأمي : لا تحزني عليّ أنا ذاهبة إلى دار المقام ..! 

رحمها الله و والدينا و والديكم و جميع المسلمين شخصية لن تتكرر أبداً تمنيت أن أكون أنا أو احد ابنائي او حتى أقربائي نسخة منها لكن للأسف لا أحد يعوض أحد ...! 



آمال العرجان

الأميرة بثينة في زوارة خميس 

الأميرة بثينة في زوارة خميس 


"زوارة خميس" قروب للعائلة اعتدت أن ادرج فيه بين حين و آخر صور لشخصيات غير مألوفة إعلامياً أو صور لمشاهير قبل الشهرة و مع الصورة سؤال عن صاحبها مع جائزة بسيطة تُحجب أحياناً ...! 


المهم إن صورة اليوم لطفلة (مرفقة مع المقال ) ذات ملامح شرق آسيوية ، صاحبتها عربية الأصل و الهوية.. و الاسم ... بثينة ..! 


نعم ..! إنها الأميرة العمانية بثينة بنت تيمور بن فيصل البوسعيدي ..! والدها جد السلطان قابوس بن سعيد و هي عمته اخت والده سعيد بن تيمور ..! 


كيف و أين و متى ..؟! 


سافر السلطان الشاب تيمور إلى اليابان ، مدينة "كوبي" في رحلة غير رسمية و التقى هناك بشابة يابانية تُدعى "كيوكو أوياما" ،١٩ عاماً و طلبها للزواج لكن والدتها رفضت السلطان الثري الشاب المحب لأبنتها لأنه لا يسكن اليابان ..! و لم يتمالك السلطان قرار الرفض فعاد أدراجه إلى عمان و أنهى بعض أموره ثم عاد إلى العروس، بقرار؛ ترك السلطنة و السلطان و تلبية رغبة القلب ..! و بالفعل تزوجا عام ١٩٣٦ م ، و عاشا في اليابان و بعد عام من الزواج اطلت على الدنيا الأميرة بثينة (صاحبة الصورة ) و لأن الدنيا لا تصفو لأحد و إن كان سلطاناً،  غادر تيمور إلى عمان في رحلة مؤقتة و هو هناك أصيبت "كيوكو" بمرض عضال، الزمها الفراش ثم سريعاً القبر ...! تفطر قلب السلطان على محبوبته الراحلة ، و عاد سريعاً إلى اليابان ليأخذ ابنته و يعود معها إلى عمان سنة ٤٠ م .. و حين وداع الصغيرة لخالاتها اللاتي تولين أمرها بعد وفاة والدتها، قالت لهن مودعة سأعود لكن قريباً و في حقيبتي جمل صغير ..! لكنها لم تعد؛ لاندلاع الحرب العالمية الثانية و انقطاع كل سبل التواصل بعد سنوات تحديداً عام ٧٨ م ، عادت بثينة لزيارة قبر والدتها ثم انقطعت مرة اخرى عن اليابان. 


هذه القصة ظهرت للسطح مع ثورة المنتديات و المدونات عام ٢٠٠٦ و نقلها من الصحافة اليابانية إلى أحد المدونين شخص يدعى " محمد سايتو" و بسؤال السفارة العمانية عن الأمر اثبتت صحتها و ان الأميرة بثينة هي فعلاً عمة السلطان قابوس - متعه الله بالصحة و العافية - و كانت خالاتها الثلاث قد بلغن السبعينات من أعمارهن وقت حديثهن للصحافة . 


بالمناسبة لم يصلني حل للغز الصورة من أعضاء القروب حتى كتابة هذا السطر.


بكل الحب .... آمال العرجان ..