الثالثة صباحاً ، استيقظت قبل المنبه، فهي دوماً في قلق على موعد وصول السائق. دخلت المطبخ أعدت الافطار لزوجها و اطفالها و اودعته الميكرويف ليقوموا بتسخينه ، سمعت صوت المؤذن فأسرعت للصلاة لأنها خَيْرٌ من النوم ، و هي تصلي تذكرت انها لم تتوضأ ..! قطعت الصلاة و هي تتمتم
"أنا ناقصة تأخير ..!"
أسرعت باستبدال ملابسها و نظرت إلى أطفالها في ظلام الغرفة الدامس و استودعتهم الله كعادتها كل يوم.
نظر إليها زوجها بحنق
" لم توقظيني للصلاة ..!"
السابعة صباحاً ، وصلت إلى المدرسة متأخرة ففي ذلك اليوم كسى الضباب طرقات الخط السريع ..! و بعد تأنيب القائدة ، طلبت منها على استحياء ان تستأذن، فلديها اليوم تحليل مهم جداً في المستشفى و ينتهي وقته في الواحدة ظهراً ... رفضت المديرة .." كيف تجرؤين و انت متأخرة ..؟"
في الخامسة عصراً، وصلت إلى المستشفى، قبل المنزل ، عل الممرضة تحن عليها و تجري لها التحاليل المطلوبة .. .. كانت الممرضة تشير بيدها إلى جدول المواعيد خلفها و مريضتنا ترجوها و تشرح لها ظروفها " أتمنى ان تكون لديك رحمة و تقدري وضعي هذا التحليل لا يوجد في اي مستشفى .."
" انتبهي عزيزتي لكل ما تقولينه هنا .. فنحن لسنا مثلكم ..! الاعتداء علينا لفظياً او جسدياً تُعاقبين عليه ..! النظام نظام ..!"
السابعة مساءاً ، خرجت إلى القرطاسية المجاورة لمنزلها فغداً سيتم تقييم الفصول و لازال فصلها تنقصه بعض الإضافات ... أثناء جولتها بالمكان .. سقطت .. تجمع الناس و صرخت ابنتها
" أمــي ..أمي ..!"
العاشرة مساءاً ، مجلس طويل اصطفت فيه النساء ، جلست بعباءتها المزركشة و رموشها الاصطناعية المثبتة بعناية و بدأت تتحدث عن الراحلة .." يقولون ماتت في السوق ..! هذا طبع المدرسات ما يتركون الدوارة "
" الله و السوق ماتت في بو خمسة ماشفت بخيلات نفس المعلمات ..!"
في صدر المجلس أريكة طويلة جلست عليها والدة الراحلة تبكي على ثمرة قلبها و هي تحتضن حفيدتها و تقول لجارتها
" وصل المرض المرحلة الرابعة ..!
ما عمرها اشتكت .. ما عمرها بكت ...! "
فُتح الباب و دخل صغير ذي سنوات أربع و قال مخاطباً جدته و شقيقته :
" لا تبكون ... أمــي في الطريق ... ما خلص الدوام ..!"
أمال العرجان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق