الثلاثاء، 3 أكتوبر 2017

مسرحية على السفرة

 

صدر قرار السماح للمرأة بقيادة السيارة في المملكة قبل أيام و رغم المفاجأة و المشاعر المضطربة حول القرار سارعت إلى غرفة ابنائي المراهقين لإعلامهم بالأمر قبل أن يأخذهم النعاس .. و كانت ردة فعلهم عنيفة و قاسية مفادها " ما راح تسوقين " مع أن رحلتي المتأخرة لغرفتهم لم تنطو أبداً على طلب أذنهم للقيادة ..! 

في اليوم التالي و بعد أن نضجت مشاعري على نار هادئة جلست معهم على الغداء و أخبرتهم برغبتي في شراء سيارة "لكزس" و انهالوا عليّ، كل من جهة ، منددين و شاجبين و مستنكرين على والدهم رضاه أو صمته على الأقل ..! و شيئاً فشيئاً وصلتهم فكرة عدم حاجتي أو حاجة أخواتهن إلى رضى أحد كي نقود السيارة ... تكفينا الحاجة و الرخصة و السن القانوني ..! ثم حرصت على وصول رسالة شديدة و ملزمة و هي ألا علاقة لهم بقرارات الأخرين و لا يجوز لهم إطلاقاً الحكم بصلاح أو فساد أي إنسان بناء على سيارة يقودها أو فكرة يُؤْمِن بها ..فكلنا أحرار ..و ديننا هذب هذه الحرية و رفع سقف تعاملنا مع معطيات الحضارة ، فجعل الأصل الإباحة و التحريم يأتي من سوء استخدامنا لا من الشيء ذاته.

تغيرت نبرة الحديث و معها النظرة إلى الأمر كله ، ثم اقسموا أيماناً مغلظة أنهم لن يتركوا لي حاجة أبداً حتى لا أضطر إلى القيادة يوماً ما .. !

بعد انتهاءنا من الوجبة و قبل مغادرة السفرة أخبرتهم بأن هذه مسرحية بسيطة مرتجلة من تأليفي و من إخراج والدهم ..! الغرض منها تعديل نظرتهم للموضوع و قبول أمر ولي الأمر و عدم الانجراف خلف من يشتم أو يهدد ..

و اللكزس ..؟! مزحة فقط فأنا غير قادرة على قيادة دراجة "سيكل" حتى أقود سيارة ...! 



الخلاصة ، حاوروهم قبل أن يتحولوا إلى هاشتاق ..!

الأحد، 10 سبتمبر 2017

من صاحب الصورة 👻👽


من صاحب الصورة ؟ 


ازدحم الممر المؤدي إلى غرفة العروس بالضيوف ، عمة و خالة و بناتهن ، كلٌ يريد أن يحظى بمشاهدة الطلّة السحرية ..! الممر كان ضيقاً و جدرانه عالية مكسية باللون الوردي الفاقع المؤذي للعين و لا أعلم من اقنع مهندسي الديكور في قاعات الزفاف بهذا اللون قبل ٢٥ سنة ..! المهم و بعد جهد جهيد خرجت والدتها من الغرفة و هي تبعد الجميع و تردد :" باقي ما خلصت " و كانت تعابير وجهها كفيلة بإبعاد الجميع . 

خرجت العروس بعد مدة بكامل كبريائها و والدتها لا زالت غاضبة و بدأت في التحذير "لا تضحكين ..!" " لا تتكلمين مع احد .." " نزلي راسك تجملي صيري حيوية اليوم بس ..!" 

بصعوبة عبرت عروستنا الملونة خشبة المسرح المكتظة بسيدات قواعد يرفضن و بشدة الجلوس على الكراسي و يفضلن عليها المسرح ..، " اونس لنا يا بنتي عند الطق و العروس و الرقص..! " 

بعد استقرارها على عرش المنصة حضرت صديقتها تحمل في يدها كاميرا لتصوير العروس في ليلتها البهية ، الكاميرا فضية مستطيلة الشكل لها مفتاح عجيب تسحبه ثم تبدأ بالتصوير عبر الضغط على زر علوي آخر ..! ما أجمل هذه الصديقة و هي تقلب الكاميرا لتخرج أسطوانة سوداء تضعها في حقيبتها و تستبدلها بأخرى جديدة .. كم انت محظوظة إيتها العروس الملونة ... لقد التقطت لك وحدك ١٠ صور ..! 

بقيت صورة واحدة لابد أن تجمع العائلة فحضرت الخالات و نُحيت العمات و جاءت المبدعة لالتقاط الصورة ، طلبت منهم الوقوف و الجلوس حتى يظهر الجميع و بقي مكان فارغ بين العروس و والدتها .. اقتربت الام و كان كتفها ملاصقاً لكتف ابنتها .. و مع هذا لازالت المصورة ترى فراغاً عندما تنظر للعدسة ، حاولت مراراً تغيير الوضع و لم يتغير ثم اخرجت قطعة قماش مسحت بها زجاج الكاميرا و هي تسمع والدة العروس تتمتم بغضب " أي .. عين ما صلت على النبي حتى الكاميرا اختربت ..!" 

فجأة صرخت : ضبطت ضبطت الصورة استعدوا و تم التقاط الصورة الملكية ..! 

بعد اسبوع من ليلة الزفاف ذهبت إلى معمل تحميض الصور و كلها سعادة بما ستشاهده .. تسلم شقيقها الصور من العامل الآسيوي في المحل ثم قدمها إليها طالباً ثمن الصور الغالية فهي مصروفات لا مبرر لها " كلفني التحميض ٦٥ ريالاً ..! "

سلمته المبلغ و فتحت الظرف البني بسرعة لتشاهد جمال ما أبدعته يداها .. أخذت تقلب الصور بين يديها و في الصورة الاخيرة و هي الصورة العائلية شاهدت شيئاً غريباً و أشعلت مصابيح السيارة الداخلية لتتأكد مما شاهدت ..! 

صديقتها العروس الملونة بفستانها الأبيض و خالاتها عن اليمين و الشمال و والدتها بجانبها لكن .. لكن يفصل بينهما رجل طويل القامة عريض المنكبين ذا عيون حمراء و وجه مغبر و .. و .. ثوبه اسود ...! شماغه اسود .. عقاله ابيض ..! و يرتدي ساعة حمراء .. من هذا ..؟! 

" لا اتذكر وجود رجل في القاعة أبداً " اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ...! ما الحل و كيف تسلم الصور لصديقتها ...، لحسن الحظ كان شقيقها يحمل معه هاتف " السيناو " فحدثت صديقتها و اعتذرت منها لوجود خلل في احدى الصور .. وصلت إليها و قدمت لها الظرف ثم رحلت مسرعة ..! 

فتحت عروستنا ذكرياتها و بدأت بتقليب الصور .. لاحظت ان الصور ناقصة .. أين الصورة العائلية ..؟ 

بعد أسبوع في اجتماع الصديقات اخرجت العروس من حقيبتها ساعة حمراء و قدمتها لصديقتها الكمرجية " نسيتي ساعتك في الظرف ..! " 

 

اقرأوا المعوذات 

و آية الكرسي

تصبحون على خير ... آمال العرجان 

الاثنين، 28 أغسطس 2017

دورة حياة معلمة 

 دورة حياة معلمة


الثالثة صباحاً ، استيقظت قبل المنبه، فهي دوماً في قلق على موعد وصول السائق. دخلت المطبخ أعدت الافطار لزوجها و اطفالها و اودعته الميكرويف ليقوموا بتسخينه ، سمعت صوت المؤذن فأسرعت للصلاة لأنها خَيْرٌ من النوم ، و هي تصلي تذكرت انها لم تتوضأ ..! قطعت الصلاة و هي تتمتم

"أنا ناقصة تأخير ..!"

 أسرعت باستبدال ملابسها و نظرت إلى أطفالها في ظلام الغرفة الدامس و استودعتهم الله كعادتها كل يوم. 

نظر إليها زوجها بحنق

 " لم توقظيني للصلاة ..!"

السابعة صباحاً ، وصلت إلى المدرسة متأخرة ففي ذلك اليوم كسى الضباب طرقات الخط السريع ..! و بعد تأنيب القائدة ، طلبت منها على استحياء ان تستأذن، فلديها اليوم تحليل مهم جداً في المستشفى و ينتهي وقته في الواحدة ظهراً ... رفضت المديرة .." كيف تجرؤين و انت متأخرة ..؟" 

 في الخامسة عصراً، وصلت إلى المستشفى، قبل المنزل ، عل الممرضة تحن عليها و تجري لها التحاليل المطلوبة .. .. كانت الممرضة تشير بيدها إلى جدول المواعيد خلفها و مريضتنا ترجوها و تشرح لها ظروفها " أتمنى ان تكون لديك رحمة و تقدري وضعي هذا التحليل لا يوجد في اي مستشفى .." 

" انتبهي عزيزتي لكل ما تقولينه هنا .. فنحن لسنا مثلكم ..! الاعتداء علينا لفظياً او جسدياً تُعاقبين عليه ..! النظام نظام ..!" 

السابعة مساءاً ، خرجت إلى القرطاسية المجاورة لمنزلها فغداً سيتم تقييم الفصول و لازال فصلها تنقصه بعض الإضافات ... أثناء جولتها بالمكان .. سقطت .. تجمع الناس و صرخت ابنتها

 " أمــي ..أمي ..!" 

العاشرة مساءاً ، مجلس طويل اصطفت فيه النساء ، جلست بعباءتها المزركشة و رموشها الاصطناعية المثبتة بعناية و بدأت تتحدث عن الراحلة .." يقولون ماتت في السوق ..! هذا طبع المدرسات ما يتركون الدوارة " 

" الله و السوق ماتت في بو خمسة ماشفت بخيلات نفس المعلمات ..!" 

في صدر المجلس أريكة طويلة جلست عليها والدة الراحلة تبكي على ثمرة قلبها و هي تحتضن حفيدتها و تقول لجارتها 

" وصل المرض المرحلة الرابعة ..!  

ما عمرها اشتكت .. ما عمرها بكت ...! " 

فُتح الباب و دخل صغير ذي سنوات أربع و قال مخاطباً جدته و شقيقته : 

" لا تبكون ... أمــي في الطريق ... ما خلص الدوام ..!" 

 

أمال العرجان 

الأربعاء، 9 أغسطس 2017

مبارك أصبحتِ آنسة 

مبارك أصبحت آنسة 

تسلمت في العاميين الماضيين دفة المصلى المدرسي و كان من حسن حظي أن ذلك العام هو أول عام يُطبق فيه برنامج "مبارك أصبحتِ آنسة " 

البرنامج توعوي ديني صحي و ثقافي للطالبات في بداية مرحلة البلوغ و بعيداً عن كل التعقيدات ، بدأت بتطبيق البرنامج كما يمليه عليّ ديني و واجبي و كما تحركني فطرتي كأم لكل تلك البنيات في المرحلة الابتدائية. 

و في رحلة التطبيق تعالت ضحكاتي مع بنياتي الصغيرات بين أروقة المصلى تارة و بين زحام الفصول تارة أخرى. فالموضوع محرجٌ قليلاً لكن مع التدرج في تقديم المعلومات يزول حاجز الخجل و يبقى الحياء المحبب الجميل الذي يطل على وجنات صغيراتي و في اجاباتهن الممزوجة بضحكاتهن البريئة . 

في العام الجديد لم انتظر صدور الخطة فبدأت بتطبيق البرنامج فوراً ليأخذ حقه كاملاً فهو في نظري أولى من الكثير من البرامج التي لا تحصد البنت منها إلا المهارة في تلوين الأوراق ...! 

أجمل ما في الأمر ؛ النتائج ..! كانت طالباتي الصغيرات يتسابقن لإخباري بأنهن أصبحن آنسات و كيف اخبروا والداتهن بالموضوع كما نصحتهم ، و البعض منهن تأتي للمشورة في أمور الحيض و الأحكام الشرعية . مررت بشعور الأمهات اللاتي تبلغ بنياتهن، عشرات المرات ؛ ربما هذا تدريب لي لتلقي المفاجأة من فلذة كبدي يوماً ما ...!

 كانت أيام جميلة سأفتقدها حقاً .. بارك الله لنا و لكم و جعل عملنا خالصاً لوجهه الكريم .


اختكم أمال العرجان 🌹🌹🌹

الخميس، 3 أغسطس 2017

أطفال الـ ٩٠

كان يوم خميس عادي ذهبنا لزيارة أحد الأقارب و فجأة قطع التلفزيون السعودي المسلسل العراقي الذي كان يعرض على شاشته و بدأت الأخبار تتهاوى و صال و جال حديثٌ عاصف بين الحاضرين من الرجال و الشباب و كذلك النساء ... لم ألتقط من حديثهم يومها سوى ثلاث كلمات .. صدام .. الكويت ... غزو ..! كنت جاهلة بشخص الأولى .. محبة للثانية و لا اعرف معنىً للثالثة ...! 

بعد أيام بدأت الرؤية تتضح لنا نحن الصغار ، فالأخبار هي التسلية الوحيدة للكبار كما انهم صادروا حقنا في الفيلم الهندي ليلة الخميس على قناة (٥٥) و استبدلوه ببرامج لقاءات حوارية سريعة مع الكويتين المقيمين في المملكة و تحولت دموعنا الساذجة على البطلة الهندية إلى دموع حرى من أهلنا على الأبطال الخليجيين..! 

الحرب كانت و لم تزل خارج حسابات الأطفال و لا يدركون حقيقتها أو لماذا تحدث و المفارقة أن الكبار قد لا يعلمون لها سبباً ايضاً..! للأسف يعرفها الأطفال حين يغتال المعتدي أمنهم و يسلبهم استقرارهم أو أحداً من محبيهم .. يعرفونها حين يتناثر السقف على رؤوسهم أو تُسلب كرامتهم .. و هذا كله لم نشعر به بفضل الله أولاً ثم بجهود هذه البلاد المباركة و القائمين عليها .. 

كانت صفارات الانذار التي تدوي ليلاً في الغالب ، بمثابة نداء مبكي مضحك ..! يجمع أهل البيت الواحد حتى و إن كانوا مختلفين أو متخاصمين ..! تلك الغرف الصغيرة المحكمة اللصق كانت فضاءاً رحباً للصلح و الاعتذار و تجديد العهود و إبراء الذمم ، و كانت لنا بالمقابل فرصة لالتهام الحلويات المخبأة لليوم الذي لن نجد فيه ما نأكله بسبب الحرب ... و انتهت كل الحلويات و قضينا على كل المخزون الغذائي تباعاً و بفضل الله ايضاً لم يأتِ ذلك اليوم المنتظر ..! 

و كبرت و قرأت و شاهدت، و في كل عام بعد الأزمة يزداد إدراكي للخطر العظيم الذي كان محدقاً بِنَا و تفتحت أمامي كما الجميع من اطفال التسعين ، حقائق مخيفة على المستوى السياسي و حتى الاقتصادي و أظن أن أسعد الناس يومها كانوا تجار الأشرطة اللاصقة و الأكياس البلاستيكية بالمشاركة مع تجار الأقنعة الواقية من الغازات الكيماوية ...و هذا نقيض ما توقعته زمن الغزو ؛ فقد خَيل إليّ أننا الرابح الأكبر فنحن في إجازة طويلة من المدرسة و ننعم بالسهر في الغرفة السوداء بصحبة ما لذ و طاب من الأكل و بصحبة جهاز الفيديو و كمبيوتر صخر ...! 

أزمة الكويت حدث عظيم خلخل الأمة العربية و هز وجدانها بعنف و كان تاريخاً فاصلاً انقلبت معه المنطقة و لا زالت تداعياته تلقي بضوءها على الجميع و كانت سبباً مباشراً و أحياناً ذريعة غير مباشرة لكل بلاءٍ مر بِنَا خلال السبع و عشرين عاماً الماضية ..! 

اليوم مع الذكرى الغاشمة تجلت لي حقيقة جديدة و تذكرت قول الله تعالى في أبي بكر الصديق رضي الله عنه 

(وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)

و الحقيقة الجلية هي أن الشعب الكويتي الباسم الجميل ، الذي لازال يتجرع مرارة الغزو، ففي عينيه حزن على شهيد راحل أو على بلدٍ كان قاب قوسين أو أدنى من فقده ، هو نفسه اليوم ، يحمل بين يديه عطايا و هبات و أرزاق يقدمها بأمر الله للعرب و المسلمين في كل مكان ، فعادت معظم الجنسيات العربية ممن أيد العدوان بما فيها العراق الذي تولى كِبْرَه للعمل داخل الكويت و تحت مظلة حكامها..فهنيئاً لهم هذي القلوب الكبيرة التي وسعت كل هذا الحب..! 

كويتنا .. دمتِ في حفظ الرحمن .

سعودية و أحب الكويت 

آمال العرجان 


الاثنين، 10 يوليو 2017

أصحاب الفيل 

أصحاب الفيل 


في التسعينات الميلادية قرأت عرضياً مسرحية للكاتب السوري سعدالله ونوس ، كان النص العبقري عبارة عن قصة قصيرة لقرية يتولاها حاكم ، مر به خاطر أن يتبنى حيواناً أليفاً و لم يجد ألطف من الفيل . و بالفعل أحضر الفيل إلى القرية و بدأ هذا يعيث فيها لعباً و لهواً و تدميراً، فالبيوت الضعيفة تهاوت على رؤوس أصحابها و الباعة في السوق تلفت بضائعهم . و لما طال بالمساكين الحال ، دعاهم زكريا و هو بطل المسرحية إلى الشكوى للحاكم عله يخلصهم مما هم فيه . حل اليوم المنتظر و زكريا في جهاد لصياغة الكلام و تدريب الناس عليه فلكل مقام مقال و الوقوف بين يدي الحاكم يحتاج منهم إلى لباقة و حسن منطق . اجتمع عدد كبير في مركز القرية و بدأوا السير يتقدمهم زكريا و شيئاً فشيئاً و مع الاقتراب من القصر بدأ العدد يتناقص فتحول المئات إلى عشرات ثم وجد زكريا نفسه وحيداً أمام قصر الحاكم و قد اسقط في يده فما العمل لقد وصل و انتهى الأمر ..! دخل زكريا على الملك و اخبره بأنه جاء في أمر جلل يخص الفيل و أهل القرية ، اعتدل الحاكم في جلسته و بدا عليه الاهتمام ، صمت زكريا لبرهة ثم قال : سيدي الحاكم إن الفيل لطيفٌ جداً لكنه وحيد هنا و اقترح عليك أن تحضر له زوجة تؤنسه و تنجب له ذرية تدخل السرور على قلبه ..! فرح الحاكم باقتراح زكريا و كرمه و جعله للفيل مرافقاً و عن العروس باحثاً..! انتهت الحكاية هنا و تركها ونوس رحمه الله بلا ختام . تذكرت القصة و أنا انظر إلى برامج و مشاريع تعاظمت و توالدت و لم تجد من يوقفها أو يحد من تكاثرها و السبب إهمال التغذية الراجعة التي ترد من المستفيد أحياناً أو عدم ورودها من الأساس . فلا المستفيد يدلي برأيه و لا صاحب الشأن يطلبه ..! رغم أن الجودة التي يتشدق بها الجميع قائمة على رضى المستفيدين ..! قبل سنوات كتبت مقالاً حول أحد الظواهر التي استشرت في المجتمع التربوي و بعد النشر وجدت قيادات تشكرني و تطلب مني مواصلة النقد أو كما قالت لي إحداهن ” اجلديهم” و بالمقابل كنت زكريا و دعوتها مع البقية لتحويل هذا المقال إلى خطاب و يُرسل إلى من يهمه الأمر ؛ حتى يتحول النقد إلى خطوات تصحيحية و ليس بالضرورة إلغاءً لكامل البرنامج، رحبن بالفكرة ، تواصلت مع المسؤولة و يشهد الله انها تجاوبت و قدمت لي بريدها كي أرسل اقتراحاتي و عندما انهيت الخطاب طلبت من ” المعززات” أن أذيل الخطاب بأسمهن و بأسمي ، إلى ساعة كتابة هذا المقال لم يصلني الرد ، بل إن إحداهن حظرتني من الوتس آب تماماً . أرسلت الخطاب كما هو و لم أطالب بتزويج الفيل لكن المقترح كان هشاً ضعيفاً ، فالمؤيدين الذين ذكرتهم في حديثي ، لا وجود لهم على أرض الخطاب ..! في نهاية معظم المشاريع و البرامج يطلب المنفذون رأي الجمهور و للأسف يأتي مصحوباً بكم من المجاملات و في خانة المقترحات : لم ينجح أحد ، فربما يغضب هذا أو ذاك من نقدي أو اقتراحي و أنا في غنىً عن ذلك ، ثم نحن لن نصلح الكون ..! و هكذا تربع فيل تلو آخر بيننا و يبدو أن نسلهم مستمر ..! 


آمال العرجان - See more at: http://www.hasanews.com/6428909.html#sthash.3Mktqb26.dpuf

شعب الله المختار

 

قبل اربع سنوات تقريباً ، حضرت إلى منزلي عاملة إِفريقية من اثيوبيا تحديداً. و رغم كل ما سمعته عنهم من وحشية و قسوة إلا أنني تغلبت على مخاوفي و وضعت يدي على جبهتها الموشومة بالصليب ، كأنني البسها الحجاب و تمتمت بالدعاء المأثور. للمرة الأولى أتعرف على شخصية أفريقية بغض النظر عن الشخصيات المصرية فمصر أم الدنيا و ليست أفريقية فقط. ..! المهم أنها كانت شخصية عجيبة لم تتعرف على أي شيء في المنزل لدرجة أنها في الصباح الأول بيننا لم تعرف كيفية فتح الباب لتخرج من غرفتها ، فمقبض الباب ابداع و حنفية الماء اختراع عجيب غريب في نظراتها الغائرة بين عظام وجهها الأسمر الهزيل. و مع هذا كانت تصرفاتها تجاه الطعام خاصة بعيدة عن حالها ، فعملية كالأكل كانت تأخذ منها وقتاً طويلاً ، تأكل بهدوء و لا تشرب واقفة أبداً ..! كانت أشبه بالسيدات اللاتي قرأت عنهن في الروايات الانجليزية التي درستها ...! من أين و كيف اكتسبت هذا لا أعلم ..!

بالأمس شاهدت كغيري المقطع المتداول لنساء يتدافعن أو لنقل يتقاتلن لأجل الحصول على بعض القطع المخفضة في أحد محلات البيع بالتجزئة ، المنظر كان بشعاً مقززاً مخيفاً فإذا كان هذا الحال و البضاعة مدفوعة فكيف سيكون الأمر إن كانت مجانية ..! لم اسمع تعليقاً من أحد على أين و من و متى كان الأمر .. كل التعليق كان على سلوك انساني بغيض نتقاتل فيه كبشر على حطام زائل و عندما أقول حطاماً فأنا أعني ذلك حرفياً ..!

نحن جميعاً و دون استثناء نغوص في بحر من التصرفات المتناقضة لكل منا مزايا و عيوب ، فطاغية كفرعون كان فيه من الخير القليل الذي جعله يستقبل موسى و يتبناه في بيته و نبي كيونس ترك قومه دون أن يأذن الله له فلا كامل في البشر و لا معصوم منهم إلا من حكم الله له بذلك. و يتكبر منا من تكبر ليعلن على الملأ أن كل سيدة ظهرت في ذاك المقطع لا تمت لنا و لا لمجتمعنا المقدس بصلة....! فليس كل من ارتدت العباءة سعودية ....! و إذا افترضنا أن هذا الأمر صحيح ، فكيف نفسر للعالم ما حدث قبل أشهر قليلة في إحدى مراكز بيع المواد الغذائية حين تم الإعلان عن تخفيضات وهمية تسابق عليها الأغنياء قبل الفقراء و شاهدناهم يتقاتلون و أطباق البيض مكسرةً تحت أقدامهم ...! هل تجمع الأفارقة أيضاً و لبسوا الثياب البيضاء و الأشمغة الحمراء و تقاتلوا على صابون الثياب و على الأرز طويل الحبة و على اجهزة التلفاز و على و على .. القائمة طويلة.... أم ربما كانوا من شرق اسيا او من الدول المجاورة فبشرتهم مقاربة لنا و ملامحهم شديدة الشبه بِنَا ....! لكنهم لا و لم و لن يكونوا سعوديين أبداً فنحن شعب الله المختار، الشديد التدين و التهذيب و البالغ الحد الأقصى في الالتزام بفنون الذوق و آداب الاتيكيت ، مجتمعنا كامل و نحن معصومون و كل تشويه أو فساد يُكتشف فيه هو أمر دخيل أو مؤامرة تُحاك خيوطها أو جماعة أفريقية اضناها الفقر الذي أضنى عاملتي ...! 

لنفتح بصيرتنا على المشكلة الحقيقية ، بدلاً من إلقاء اللوم على الأخرين ..! لقد اصبح المجتمع و أنا واحدةٌ منه ، يعاني من حمى الاستهلاك و التي أجزم أنها جاوزت الأربعين درجة بمراحل .. ما شاهدناه و سنشاهده بعد أيام في تخفيضات رمضان ينذر بوصولنا للغليان ..! نحتاج إلى تنمية ثقافة التدبير و التوفير و الاستهلاك الصحيح المقنن مع عدم الانسياق لكل لوحة حمراء تلوح في الأفق بين حين و آخر؛ نحن بحاجة ماسة لذلك لأن في كل مكان هناك بيع و شراء ، في المراكز الكبرى و الصغرى و في البيوت بل و وصل الأمر للمدارس و مع هذا نقف عند كل مناسبة أمام كم هائل من الثياب لنقول ماذا سأرتدي الليلة ...؟! 


آمال العرجان 



https://www.hasanews.com/6436464.html?mobile=1

القطار السريع 

القطار السريع ...!



قبل عام من الآن ، مررت بتجربة أثناء المناوبة المدرسية ، وقت الفسحة ، فقد جاءت إلىّ احدى الصغيرات و تعلقت بي ثم جاءت اخرى و هكذا و للخروج من الازدحام طلبت منهم بالإشارة فقط الاصطفاف خلفي لنلعب " القطار السريع" كان العدد بسيطاً و خرجنا إلى الساحة ثم بدأ القطار يتضاعف طولاً ..! و كانت مفاجأة بحق ، حين رأيت الصف المشوه خلفي ، يصل إلى اكثر من ١٥٠ طالبة من كافة الصفوف من أصل ٢٤٠ طالبة ، مجموع طالبات المدرسة. كنّا جميعاً في حالة نفسية غريبة اختلطت مشاعرنا بين ضحك و صراخ و عنف أحياناً بسبب "من يمسك مقدمة القطار" ..!  

ما حصل في المدرسة يومها ، كان شكلاً من أشكال السلوك الجمعي الذي ينشأ تلقائياً دون تخطيط مسبق و هو غالباً سلوك لا تحده ضوابط و لا يمكن التنبوء به أو السيطرة عليه و قد يُوجه هذا السلوك من قبل آخرين لتحقيق نتائج معينة ربما لا يعلم الحشد نفسه عنها شيئاً ... و هذا ما حدث حين تحولت لعبتنا بقدرة قادر إلى تفعيل لأسبوع المشي الذي طالبتنا به الإدارة ...! و مع أن هذه النتيجة تحديداً إيجابية ، إلا أن الغالب على نتائج السلوك الجمعي ، أنها كارثية . فينبأنا التاريخ عن ثورات و جرائم حدثت بسبب سلوك القطيع كما يسميه علماء النفس ، مع أنني أفضل تسميته سلوك السرب ... فالكل حيوانات لكن السرب أخف وطأة من القطيع ..! و كذلك تحدث عنه المصطفى صلى الله عليه و سلم حين قال : 

( لا يدري القاتل فيما قَتَل و لا المقتول فيما قُتِل ..!) 

المخيف في السلوك الجمعي ، ظهوره في مراحل مبكرة من حياة الإنسان ففي قطار مدرستي كانت أكبر الفتيات سناً ذات اثني عشر ربيعاً و الباقي اصغر و اصغر حتى سن الخمس سنوات، و هذا العمر مطابق تماماً لعمر ذاك السرب من الصبية الذين مزقوا كتبهم تباعاً على مرأى و مسمع من العالم و راح ضحيتهم مئات بل ربما ألاف الأوراق و راحت معها، همة قائد خسرته الوزارة و كسبه التعليم. 

مع التمدد الهائل لوسائل التواصل لم يعد للسلوك الجمعي مكان ثابت ، كالموقع الذي حشد فيه قوم ابراهيم النار ليحرقوه أو كميدان التحرير في مصر الذي تزعمت سلوك القطيع فيه هدى شعراوي بداية و لم تكن النهاية عند ٢٥ يناير ..! فاصبح السلوك الجمعي قابل للاستثارة في كل زمان و مكان و يجمع أناساً يستحيل اجتماعهم إلا في العالم الافتراضي و هذا ما يجعله اليوم أشد خطورة من نار ابراهيم ..! 

 يكفي لجمع الحشد ( #هاشتاق ) وسم على تويتر او انستغرام ..! ففي دقائق معدودة تستطيع حصد ألاف المؤيدين و قد يكون من بينهم مخالف لكنه لن يجرؤ على مخالفة الجمهور صراحة ، فقد يكتفي بالمشاهدة فقط و انتظار النتائج .. و قد يضطر البعض إلى فصل موظف أو التخلي عن رأي صائب خوفاً من ردة فعل السرب ..! 

في السلوك الجمعي يتحرك الجمهور معاً أو لنقل يتصرف معاً بروح واحدة تشكلها مجموعة من المشاعر النفسية المكبوتة أو المواقف غير المنتهية في العقل اللاواعي. 

في مجتمعنا ظهر هذا السلوك بصورٍ شتى و كان ميدانه التحريري ، ساحة تويتر ..! عرفنا من خلال هذا السلوك الانقيادي أننا مجتمع إنسانية و تكاتف حين تجمعنا و دفعنا و تصدقنا بل و منا من حج و اعتمر عن طفلة مصابة بالسرطان اسمها سارة ابراهيم، اتضح بعد حين انها ستارة للنصب و الاحتيال ، و هذا امر إيجابي نوعاً ما لكن هذا السلوك الجمعي نفسه حمل البعض على نقل صورة سلبية عن شبابنا و أننا شعب أقصى همومه جمال ايفانكا ترامب و فستانها مع أن البلد استضافت قبل سنوات من هو أكثر منها حكمة و ذكاء، ميشيل أوباما ، و استضافت قبل عقود من هو أكثر منها أناقة حينها، الليدي ديانا سبنسر ..!   

لكل ما سبق ينبغي علينا النظر في علم نفس الحشود و هذا المقال دعوة، لدراسة السلوك الجمعي بتويتر إن لم يتناوله أحد حتى الآن أو لتطبيق توصيات الدراسة إن كانت موجودة . 

و لكل ما سبق أيضاً ، يجب على عقلاء المجتمع إعادة توجيه السرب و تصحيح مسار القطار ، فليست كل النتائج مشروعاً لتدوير الورق أو بناء مسجد ليهودية ..! 

تذكرتُ أمراً مهما ، الجيد بشأن هذا الموضوع أن هذا السلوك كفقاعة الصابون مهما كبرت ، تتلاشى بسرعة .. تماماً كقطار مدرستي السريع الذي توقفت عجلاته مع انطلاق جرس الحصة الرابعة ...! 



دمتم بخير ... آمال العرجان  


https://www.hasanews.com/6440275.html?mobile=1

عافية 

عافية 



هذا ليس اسماً لأحد الزيوت المنتشرة في محلات المواد الغذائية بل هو اسم لأحد أشهر القضاة في الدولة العباسية و هو عافية بن يزيد بن قيس الأودي . 

 مما قرأت في سيرته موقف له مع هارون الرشيد ، فكما رُوِي ، أن الوشاة حاولوا الايقاع بينه و بين الرشيد و وصفوه بالتساهل في القضاء بين المتخاصمين ، فطلبه الرشيد للتحقق من الأمر و بينما هو بين يدي الرشيد و التحقيق قائم بين سؤال و جواب إذ عطس الرشيد فشمته كل من في المجلس ( قالوا له يرحمك الله ) إلا القاضي عافية ..! تعجب الرشيد من أمره و سأله لم لم تشمتني كباقي الحضور فقال له عافية :- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ''إذا عطس أحدكم فليقل الحمد لله·· فإذا قال الحمد لله فليقل له أخوه أو صاحبه يرحمك الله·· وليقل هو يهديكم الله ويصلح بالكم''، وأنت قد عطست فلم تحمد الله! فأطرق الرشيد برهة مفكراً·· ثم قال له: اذهب الى عملك راشداً فوالله من لم يتساهل في تشميت عاطس و هو الخليفة فلن يتساهل في امر المسلمين، ثم رده الى مقر عمله رداً جميلاً·· ثم صرف الشاكين مطرودين·

سير السلف فيها من الجمال شيء كثير لا تحرموا انفسكم .❤️🌹

امال

رفيقة القرآن ... المطوعة أم عبدالرحمن 

رفيقة القرآن ... المطوعة أم عبدالرحمن 




كتبت عن جدتي لأبي عايشة العرجان رحمها الله تعالى و اسكنها فسيح جناته؛ لأنني عشت معها طفولتي و صباي حتى تزوجت لكنني لم احدثكم عن جدتي لوالدتي ..! ربما لأنني أراها مرة في الأسبوع فقط و ربما لأنها كانت دوماً مشغولة..! 

جدتي السيدة منيرة بنت محمد السويلم ، كانت رحمها الله طويلة القامة نحيفة سمراء البشرة هادئة الطباع، تزوجت صغيرة من محمد بن علي بوخوة و أنجبت منه عبدالرحمن و فاطمة. لم تذكره يوماً بسوء دوماً تترحم عليه و من لطائف سيرتها معه تقول رحمها الله : في زمن القلة و الحاجة كنّا على الغداء و هو يأكل و يضع بجانبي قطع اللحم الطري لأكل معه لكنني كنت أنحيها جانباً و أكل الأرز فقط ، لاحظ تكرار ذلك فسألني عن الأمر فقلت له : ارفعه لأمي ..! فقال لها رحمه الله كلي و لعمتي رزقها ، فكان يومياً يطلب منها أن تحسب حساب والدتها في (الإيدام ) توفي عنها و هي صغيرة فتزوجت من جدي محمد بن أحمد السويلم و أنجبت منه صالح و طرفة (والدتي) و سارة و كان معه رحمه الله بناته من زوجته المتوفاة منيرة و عائشة . في اجتماعاتنا الأسبوعية كانت تجلس صامتة و مصحفها بين يديها و اذا تحدثت قالت دعوا الناس و شأنهم ..!  

لماذا كانت مشغولة ..؟! كان لقبها " المطوعة أم عبدالرحمن " و لم يأتِ اللقب من فراغ فقد كانت محفظة ، معلمة للقرآن لبنات عدد من الأسر المعروفة في الاحساء كأسرة العبدالقادر و غيرها. من عجيب ما رأيته في جدتي رحمها الله أنها تعلمت القرآن على يد احدى السيدات الأميات كشأن الجميع في سنها لكنها تعلمت القراءة بنفس الوقت الذي تعلمت فيه القرآن ، و قالت لي عن ذلك ، حروف القرآن هي حروف العربية لا فرق من يستطيع قراءة القرآن يستطيع قراءة أي شي ...! و والله الذي لا إله إلا هو أنني أحياناً أأخذ الكتاب من بين يديها و اقول لها جدتي مقلوب كانت تضحك و تقول ( اعرف اقراه و هو مقلوب ) طبعاً أنا لا اتحدث عن كتيبات صغيرة أو مكتبة بسيطة أنا اتحدث عن مكتبة عامرة كانت رحمها الله تقرأ في رياض الصالحين و الكبائر، تفسير الجلالين ، ابن كثير و حبيبها كتاب زاد المعاد و كتب كتب لا حصر لها كلها في الدين و العقيدة و سير السلف و الله كأن مكتبتها الصغيرة الحجم العظيمة المحتوى أراها امام عيني الآن ..! 

المصحف رفيقها الدائم، دائما في يدها تتناوب صفحاته على أصابعها مع مسباح تقلبه لتذكر الله، حتى اذا خرجت كانت تحمل حقيبة كبيرة نوعاً ما تضع فيها مصحفها المكتوب بالرسم الفارسي و مصحف الختمة المقسم إلى اجزاء و علبة او اثنتين من الماء ، فقد كانت تقرأ و تنفث في علب الماء و توزع على كل مريض ..! مع هذا كانت سمحة لم تصرخ فينا يوماً كانت تدعونا للصلاة بقول هادىء و بفعل مستمر فهي إما ساجدة أو راكعة هكذا أتذكرها. و ظلت رحمها الله تصلي و هي واقفة رغم مرض القلب الذي انتابها في آخر أيامها و لم تجلس للصلاة إلا في أيامها الأخيرة على سرير العناية المركزة في مستشفى جلوي حيث توفيت رحمها الله في شهر رمضان. في تلك الفترة رافقتها والدتي في المستشفى و عندما تحضر كانت تخبرني بأمور عنها لم افهمها جيداً حينها.. كانت الغيبوبة تعاودها بين حين و آخر فإذا انتبهت توضأت و صلت و بدأت تسبح بيديها مع ما فيهما من مغذيات و أسلاك للأجهزة و اثناء غيبوبتها كانت تقول لأمي : احضري المصحف لم اقرأ القرآن اليوم و ترد عليها امي : انت في المستشفى مصحفك ليس هنا و كان ردها رحمها الله : هذا هو مصحفي أمامك ألا ترينه اعطيني إياه اعطيني إياه ..! كانت تراه و نحن لا نراه ..! 

و حدث و هي في الغيبوبة أن قالت لأمي : لا تحزني عليّ أنا ذاهبة إلى دار المقام ..! 

رحمها الله و والدينا و والديكم و جميع المسلمين شخصية لن تتكرر أبداً تمنيت أن أكون أنا أو احد ابنائي او حتى أقربائي نسخة منها لكن للأسف لا أحد يعوض أحد ...! 



آمال العرجان

الأميرة بثينة في زوارة خميس 

الأميرة بثينة في زوارة خميس 


"زوارة خميس" قروب للعائلة اعتدت أن ادرج فيه بين حين و آخر صور لشخصيات غير مألوفة إعلامياً أو صور لمشاهير قبل الشهرة و مع الصورة سؤال عن صاحبها مع جائزة بسيطة تُحجب أحياناً ...! 


المهم إن صورة اليوم لطفلة (مرفقة مع المقال ) ذات ملامح شرق آسيوية ، صاحبتها عربية الأصل و الهوية.. و الاسم ... بثينة ..! 


نعم ..! إنها الأميرة العمانية بثينة بنت تيمور بن فيصل البوسعيدي ..! والدها جد السلطان قابوس بن سعيد و هي عمته اخت والده سعيد بن تيمور ..! 


كيف و أين و متى ..؟! 


سافر السلطان الشاب تيمور إلى اليابان ، مدينة "كوبي" في رحلة غير رسمية و التقى هناك بشابة يابانية تُدعى "كيوكو أوياما" ،١٩ عاماً و طلبها للزواج لكن والدتها رفضت السلطان الثري الشاب المحب لأبنتها لأنه لا يسكن اليابان ..! و لم يتمالك السلطان قرار الرفض فعاد أدراجه إلى عمان و أنهى بعض أموره ثم عاد إلى العروس، بقرار؛ ترك السلطنة و السلطان و تلبية رغبة القلب ..! و بالفعل تزوجا عام ١٩٣٦ م ، و عاشا في اليابان و بعد عام من الزواج اطلت على الدنيا الأميرة بثينة (صاحبة الصورة ) و لأن الدنيا لا تصفو لأحد و إن كان سلطاناً،  غادر تيمور إلى عمان في رحلة مؤقتة و هو هناك أصيبت "كيوكو" بمرض عضال، الزمها الفراش ثم سريعاً القبر ...! تفطر قلب السلطان على محبوبته الراحلة ، و عاد سريعاً إلى اليابان ليأخذ ابنته و يعود معها إلى عمان سنة ٤٠ م .. و حين وداع الصغيرة لخالاتها اللاتي تولين أمرها بعد وفاة والدتها، قالت لهن مودعة سأعود لكن قريباً و في حقيبتي جمل صغير ..! لكنها لم تعد؛ لاندلاع الحرب العالمية الثانية و انقطاع كل سبل التواصل بعد سنوات تحديداً عام ٧٨ م ، عادت بثينة لزيارة قبر والدتها ثم انقطعت مرة اخرى عن اليابان. 


هذه القصة ظهرت للسطح مع ثورة المنتديات و المدونات عام ٢٠٠٦ و نقلها من الصحافة اليابانية إلى أحد المدونين شخص يدعى " محمد سايتو" و بسؤال السفارة العمانية عن الأمر اثبتت صحتها و ان الأميرة بثينة هي فعلاً عمة السلطان قابوس - متعه الله بالصحة و العافية - و كانت خالاتها الثلاث قد بلغن السبعينات من أعمارهن وقت حديثهن للصحافة . 


بالمناسبة لم يصلني حل للغز الصورة من أعضاء القروب حتى كتابة هذا السطر.


بكل الحب .... آمال العرجان ..

السبت، 4 فبراير 2017

من الذي التهم الأندومي ؟

👽👻من الذي ألتهم 🍝الأندومي ؟! سمعت رنة الجوال فطلبت من أبناءها الاستعداد للخروج ، فوالدهم قد حضر ليقلهم للمنزل بعد يوم حافل في بيت الجدة. بكى الأوسط من الأبناء يريد المبيت و بعد شد و جذب تركته و قالت : اذا لم تأت فلن أكلمك بعد اليوم  ركبت السيارة و انشغلت بالرضيع و بالحقيبة الممتلئة بالثياب المتسخة مع أن ال"زوارة " يوم واحد فقط . فتحت باب شقتها و حملت الأبناء إلى غرفهم مع زوجها ، ثم خلدت إلى النوم . و هي ببداية غفوة ، لمحت "عزوز" يخطف من أمام باب غرفتها الموارب و قد استبدل بجامته الزرقاء الجديدة بسروال و " فانيلة " أبيضين مقلداً والده حين ينام ، هزت رأسها و قالت :  حبيبي لحقني إلى السيارة و لم اشعر به  ثم خطف من أمام الباب مرة اخرى فخشيت أن يكون متعباً أو جائعاً لحقته إلى المطبخ ، أضاءت الإنارة فلم تجده بحثت في الغرف سريعاً فلم تجده، و في طريق عودتها إلى المطبخ كانت الإضاءة مطفأة و عزوز يقف في وسط المطبخ و يعطيها ظهره قالت له :  ما ذَا تفعل في هذا الوقت المتأخر من الليل ؟ رد عليها بصوت أجش قليلاً : أريد ماءً و لا حرام نشرب ..! ذهبت لتحتضنه فهرب منها ، ثم قالت له : لازلت غاضباً مني لرفضي مبيتك بيت الجدة ..! رد بحنق : لا لا خلاص. خرجت عائدةً إلى غرفتها و لم تكد تغمض عينيها ألا و باب الغرفة الموارب يفتح ثم يغلق بسرعة و اقترب الداخل منها و هي تقول : عزوز ما نمت ..؟ رد عليها : لا ما جاني نوم  قالت له : افتح الباب ليدخل بعضاً من النور الخارجي أنا لا أراك ..!  قال عزوز و هو يطبع قبلة على جبينها : أخشى أن يجلس الوالد و يغضب منا..!  انتفضت و هو يتحدث و قالت : رائحتك إندومي ..! انت تعرف أني لا أطيقه ..!   فُتح الباب و هي تتحدث و بقي موارباً كما كان ..! تمتمت بأذكار النوم و قالت : الله يصلحك و يصلح اخوانك .  في الصباح و هي تعد طعام الإفطار ، جاء زوجها و قال بلغي والدتك أنني قادم لأخذ عزوز من بيتهم بعد نصف ساعة ضحكت : عزوز لم ينم عندهم جاء معنا البارحة و لم ننتبه له . ضحك هو و قال : متى جاء ؟ لم اره في السيارة ..؟  ذهبت لإيقاضه و لم تجده و وجدت السرير مرتباً كما كان يوم أمس ..! و إذ بوالدتها تتصل بها : تعالوا لأخذ ابنكم لدي مشوار الآن ..!  زادت دهشتها و بدأت تقلب الأمر برأسها ربما كان حلم ربما .. ربما ..! بعد ساعة حضر الزوج و عزوز معه ، دخل و قبل رأس والدته ثم ذهب ليلعب مع اخوته.  قبل المغرب جاءها يبكي : أمي .. أمي .. الأندومي في المطبخ .. من أكله ..؟!  اقرأوا المعوذات و ناموا 😂  من مجموعتي القصصية المرعبة بعنوان " ليلة الدوام " أمال العرجان 

الاثنين، 23 يناير 2017

حفلة داوود

سألتني صديقتي أ/سعاد الخميس من صفوى حول رأيي في قضية طالبة حائل و المقاطع المنتشرة حول الموضوع ؛ رغبة منها في دراسة الموضوع و ألقاء الضوء على تأثيره و القضايا المماثلة له على التعلم و التعليم. و كان هذا ردي بشأن الموضوع :


والله يا سعاد ضربت على وتر حساس لازلت أتحاشى

 الخوض فيه منذ شاهدت المقطع في الاسبوع الماضي و سمعت التسجيل الصوتي. أما المقطع الأول  

ففيه من المباهاة و هوس التصوير و التوثيق الذي نعاني منه الشيء الكثير و طالما كان و لازال سبباً في الكثير من المشاكل التي نحن في غنىً عنها و ذكرني بشعر عنترة حين قال فوددت تقبيل السيوف 

لانها لمعت كبارق ثغرك المتبسم 

المعلمة يلوح لها عند التصوير لمعان التوثيق و بريق الإنجاز و في أفضل الأحوال و أصدقها الاحتفاظ بذكرى جميلة لطالبات جمعتهن بالمعلمة عشرة صادقة و أمومة مؤقتة و النتيجة أن هذه المسكينة تُقبل بالكاميرا سيوف المجتمع القاسية و أحكامهم المسبقة على ذئب لم يقتل يوسف و على خضر قد خرق السفينة مصلحاً لا مرهباً ..!

و هذا فعلاً ما حدث و تجلى في المقطع الثاني الذي تجرد من المهنية الإعلامية و ضخم الأمر و لم يتوقف لسماع رأي الطرف الأخر و هذا يقودنا للعنف الاجتماعي الموجه لفئة المعلمين و المعلمات، فقتلهم عرضي و الخوض في عرضهم لحظي و السبب أولاً و أخيراً هُم فهم قساة لا يفهمون في التربية و الاحتواء فضلاً عن التعليم ، أما الطالب فقتله أهله الذين سبوا المعلم و عنفته أسرته التي ألقت كل فشلها على المعلم و إذا ارتكب هذا الأخير أمراً يراه صواباً قلبه عليه البعض "الكثير" من الناس كبيرةً من كبائر الذنوب يحتاج لتكفيرها حفلة شريانية بمباركةٍ "ام بي .سية " تنسي الطالب المكلوم ذنب المعلم المظلوم ، و عليه فحق لنا أن نطالب بجوائز تميز و سيارات "بي ام " لم نتعب في الوصول إليها، فنحن أيضاً لدينا مشاعر تتعذب لرؤية تكريم المتفوقين منا و تهميش الباقي. .

 القصد ، لم يكلف أحد نفسه بالتثبت من المقطع أو سماع رأي المعلمة ، بل صدقوه رغم ما جاء فيه من إهانة تدل على الكثير

فت الجميع في عضد المقطعين نسخاً و لصقاً و نشراً لتحقيق مراكز متقدمة في سباق وهمي من ينشر أولاً ..! حتى ظهرت لدينا ألف سبق تنافس سبق ..! 

و لأصدقك القول ، اوجعتني الكلمات الجارحة عن المعلمة، فهي للأسف تُدمر الكثير .. انا أم كما تعلمين و اسمع من ابنائي بعض التعليقات على معلميهم ، لكنني ارفض ذلك منهم جملةً و تفصيلاً. إذا انهارت قيمة المعلم في نظر الطالب و سمع قدواته تسيء للمعلم فسيسهل عليه ذلك

بقي لي مع سؤالك وقفة تقدير لإدارة تعليم حائل التي أنصفت المعلمة و وقفت بجانبها لأن ما شاهدناه سابقاً في مواقف مماثلة "تكبيش" للمعلم و وضعه في وجه المدفع

أما شريكتنا في الكفاح اختي المعلمة، كان الله في عونك و لا تدرين لعل ما حصل خير لك و رفعة ، لك علينا حق المسلم على أخيه و الذود عنك في غيبتك بما علمناه، و لنا عليك حق اعادة هيبتنا ...! 

يسعدني طلبك لرأيي 

امال العرجان 🌹